اليابان والسودان ومصر
أحيا اليابانيون أمس الثلاثاء الذكرى الثالثة لمأساة الزلزال والتسونامي اللذين ضربا شمال شرق اليابان وأديا إلى حادث فوكوشيما النووي، ووقف اليابانيون دقيقة صمت إحياء للذكرى الثالثة للمأساة التي خلفت دمارا كبيرا في المناطق المنكوبة، وقد قدر لي أن أزور إحدى تلك المناطق، وهي مدينة ايواكي بعد ستة أشهر فقط على وقوع الكارثة في الحادي عشر من مارس من العام 2011، وقتها كانت العمل يُجرى على جمع الأنقاض وإعادة فرزها وتدويرها، بينما منازل ومتاجر صيادي الأسماك على الشاطئ خراب وركام شاهد على حجم الكارثة، ولكن مع كل هذا الدمار شاهدت العزيمة والإصرار الياباني الذي لا يلين لمواجهة التحديات والأزمات وما أكثرها.
وفلسفة اليابانيين في الحياة بأنهم لا يلتفتون إلى الأمس إلا لأخذ العبر بل يمضون ويتحدون ما يقف في طريقهم، يقدسون الحياة ويحتهدون لعيشها، لا يعرفون الملل ولا الاستسلام، وأمس بينما هم يحتفلون بالذكرى المأساوية في بلادهم كان سفير اليابان لدى السودان السيد ريوييتشي هوريي ومعاونيه يقدمون تنويرا لبعض الصحافيين وكتاب الأعمدة في الصحافة السودانية حول المشروعات التنموية التي تقدمها بلادهم للسودان، كارثة التسونامي وبعد ثلاث سنوات لا تزال تتطلب المزيد من جهود إعادة الإعمار حيث أعلن رئيس الوزراء شينزو ابي أمس أمام البرلمان أنه “مصمم على تسريع عملية إعادة الإعمار”، ولكن الحكومة اليابانية مع كل تلك الجهود لا تزال تمد يد العون إلى أصدقائها، وكشف السفير الياباني عن استعداد بلاده للمساهمة في تنفيذ المشاريع التنموية في السودان متى ما تلقت المبادرة من الجانب السوداني وسلط الضوء على مشروع نظامة الخرطوم بكلفة 15 مليون دولار أمريكي، بجانب مشروعات خدمية سيتم تسليمها خلال هذا الشهر بمدينة كسلا في إطار مشروع تنمية القدرات لتوفير الخدمات الأساسية، وهي المجالات التي يحتاج السودان إلى دعم فيها.
علاقات اليابان بالسودان شهدت تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة واليابان هي الدولة الوحيدة التي أوفدت بما قطعته على نفسها في مؤتمر المانحيين بعد توقيع اتفاقية السلام في العام 2005، حيث قدمت أكثر من مليار دولار للسودان لدعم التنمية والاستقرار، السياسة الخارجية لليابان القائمة على عدم التدخل في الشؤون السياسية ساعدتها كثيرا في العمل التنموى بالسودان، ولكن هذا لا يعني أنها سياسة صائبة كليا، فقبل يومين قرأت مقالة لصديقي محمود النوبي نائب رئيس تحرير صحيفة الأهرام المصرية للشؤون الدولية، الذي جاء تحت عنوان: (اليابان تتجاهل ثورة 30 يونيو) صب خلاله جام غضب المصريين من اليابان كونها لم تعترف بثورة 30 يونيو، وهو الموقف الذي قال محمود إن المصريين لم يتوقعوه من اليابان.
العالم الآن – صحيفة اليوم التالي