منى سلمان
أمي يا بحر المحنة الفيك كِتِل
تغني الفنانة فايزة أحمد في رائعتها الشهيرة (ست الحبايب يا حبيبة) وتقول:
زمان تعبتي وسهرتي وشلتي العمر ليالي
ولسه برضو دلوقتي بتحملي الهم بدالي
أنام وتسهري.. وتباتي تفكري
وتصحي من الآذان .. وتيجي تِشأري ( تتفقدي)
يا رب يخليك يا أمي .. يا ست الحبايب يا حبيبة
يا أغلى من روحي ودمي
تسهر كل الأمهات الليالي ويتعبن من شيلنا علي الكتوف في صغرنا وشيل همنا في القلوب بعد نكبر.. طوال سنيني معها قبل أن تفرقنا الأقدار لم يحدث أن استيقظت من النوم صباحا دون أن أجدها قد سبقتني من (الدغش النسايمو يهبهبن) .. تصلي وتدخل لعمل الشاي، تلك المهمة التي لم يقعدها عنها تعب أو مرض ثم تقضي يومها في التنقل بين نار الفطور ونار الغدا وتظل تدور في مطبخها كالساقية تروي العطش وتطعم البطون دون شكوى أو ملل.
حنان الصغيرة غنت:
أمي حنونة وأمي عظيمة .. زهورا أنحنا وهي جنينة
بتربينا وبتراعينا وتسعد بينا
– (جبدتني) أمي بالدمعة القريبة، فكلما كانت تذهب للعزاء في بيت بكاء كنا نلاحقها بالمحاذير والممنوعات وأهمها عدم الإنبهال واستلام البكاء زي ما تكون هي (ست الوجعة)، فكم جررناها جرا من بيوت البكيات خوفا عليها من الهلاك شنهفة وبكاء بي مخاخيتو .. ونراجعها:
هو إنتي المات ده أبوك ولا أخوك؟؟
فقد كانت وحيدة أمها، فتجيبنا في مسكنة من بين دموعها:
ما وجعني يا أخياتي .. كر علي من نارو!
أما في المسلسلات فحدث ولا حرج فمع كل موقف درامي تسيل دموعها كقول نبيل شعيل (الدموع .. ارباع ارباع)، وعندما أسرفت على نفسها بالبكاء مرة كعادتها منعناها منعا باتا من متابعة مسلسل عفاف شعيب الشهير (اليتيم والحب) حتى تعهدت بعدم رمي دمعة واحدة خلال بث الحلقات لكنها سرعان ما (لحست) وعودها مع أول لقطة ظهر فيها اليتيم وسالت دموعها مدرارا، وعندما وجدتنا ننظر إليها شذراً صاحت فينا:
يا أخياتي ما أتيم ومسكين .. أنتوا ما عندكم رحمة؟؟
– كانت تركب مع أبي العربة في ابوروف شارع البحر (جنب الزرايب) عندما اعترض طفل صغير العربة وعبر أمامها حتى كادت أن تدهسه .. فرمل أبي بصعوبة بالقرب من أقدام الصغير فما كان منها إلا أن نزلت مسرعة وهي تقول:
الخلا علي أمك الغبيانة .. ده صغير منو يا ناس؟؟
احتضنته في إشفاق ثم حملته للبيت المواجه وأدخلته ثم أحكمت إغلاق الباب خلفه، بينما ظل أبي ينظر إليها ويضحك دون أن يتمكن من الحديث، وعندما عادت للعربة قال لها:
هسي يا الفويلحونة حشرتي الشافع في البيت ده .. العرفك شنو ده بيتم؟؟
قالت في ثقة:
مامشكلة بيسوقو يرجعوه لي أهلو .. أخير من تطقو عربية تودرو علي أمو.
– عدت ذات يوم من المدرسة متوعكة واشعر بالحمى، شكوت لها وجعي وهي جالسة على بنبرها (تنضف) في الخضار جوار حلتها، مست رأسي المتقد بيدها الحانية وقالت:
آى والله محمومة .. امشي ارقدي في البرنده دابن اقضى من ملاحي ده واجيك.
دخلت وتمددت على السرير وسرعان ما استغرقت في النوم، لم يطاوعها قلبها فأرسلت خلفي (عايدة) لتتفقدني والتي جاءت تهزني في مكايدة وتقول:
هوي قومي أمي بتناديك .. عاملة فيها عيانة؟
تجاهلتها ورفضت الاستجابة بالرد عليها فما كان منها إلا أن صاحت:
يمه.. صحيتا ما بترد .. أبت ما تصحا!!
وقبل أن أستدير أليها زاجرة، وجدت أمي تقفز متخطية النار والحلة وتندفع إلي جريا ثم تنهار إلى الأرض جاثية على ركبتيها أمام سريري، فقد حسبت أن مكروها ألم بي ومنعني من الاستجابة للمناداة .. انحنت على وجهي فالتقت عيني بعينيها .. نظرت إليها في فزع فوجدت في عينيها جذعا لم أصادفه من قبل ولا بعد ذلك.. سألتني وهي تكابد اللهفة:
مالك يا المنينة؟؟
أشفقت عليها من (الخلعة) فطمأنتها:
أنا كويسة ما تخافي يمة!!
– الرحمة وسادتك يا أمي الحبيبة
رغم ما عرف عنا من سخونة العواطف والمحنة إلا أننا شحيحين في التعبير عنها، ورغم أن أمهاتنا هن سبب وجودنا في الحياة إلا أننا قد لا ندرك معنى ولا عمق ارتباطنا بهن بحبل سري خفي، إلا ساعة إنقطاعة لحظة مغادرتهن لهذه الفانية إلى دار الخلود، وحينها لا يكفينا أن نعيش باقي العمر ندما على ما فرطنا فيه من صحبتهن، فقد قالت أمثالنا عن مصيبة فقدان الأم ( موت الأب نعمة وزالت .. وموت الأم هملة وطالت) .. وآ هملتنا بعدك يا أمي الحبيبة.
كثيرا ما كنت أسمع (أمي) مع كل حركة من حركاتها أو سكنة من سكناتها تدعو لحبوبتي (أمها): يا أمي الحبيبة .. الرحمة وسادتك.
ثم عشت قولها فعلا بعد أن قطعت الآجال حبلي السري معها .. نظرت الى نفسي ولكنوز المعرفة والحياة التي خلفتها في دواخلي .. أمثالها .. حكمها .. حكاياها .. تعبيراتها .. طريقتها في الكلام .. وحتى إشارات يديها، ثم تبينت ويا لدهشتي أنني مجرد نسخة تايوانية سيئة التقليد لكيانها الجميل.
لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com
شكراً يا منى…. والله لقد أدمعت عيني وقطعت كبدي…فوالله والله كأنك تتحدثين عن عن أمي..
أمي حبيبتي وريحانتي وملاذي الآمن لقد أدينا هذا العام بتوفيق من الله حجة الإسلام و طوفة معها ببيت الله الحرام وأنا ماسك بيدها حيث أستغرق الطواف من الساعة الثانية ليل وحتى صلاة الفجر من شدة زحمة الحجاج وسعيت بها في الصفا والمروة وأنا أحملها في العجلة أو الدراجة وهي تدعو وتستغفر وتذكر الله وتشرب من ماء زمزم ثم أوصلتها إلى الفندق بنفس الدراجة وأشتريت لها الهدايا وعندما حزمة الأمتعة…خنقتني العبرة وأنا أودعها في الفندق في مكة وتخيل لي كأني لن أراها ثانية أو ربما هذا آخر لقاء لنا…قبلت يدها اليمنى فاليسرى ثم رأسها ودفنت رأسي في ثوبها الطاهر وبكيت بصوت عالي كالطفل الذي أنتزع من أمه فبكت معي وهي تنهاني عن البكاء وقالت لي (” ليه ليه يا يُبا تبكي ليه كدي…لا لا لن أموت قبل أن أحضر زواجك “) فنهرتني إحدى النساء اللاتي كن بجوارها في غرفة الفندق (” عيب عليك يا ولد دا شنو البتسوي فيه دا… أسع دي كلمني ولدي من أستراليا ليهو ثمانية سنين هناك ما شفنته ولا يوم بكى ذي دا” )
مكانة الأم كبيرة وعظيمة ولا يحس بمكانتها إلا من فارق أمه ..؟
أبشرك يا أختي منى أن والدتك في الجنة بإذن الله يقول الحديث ( من عال ثلاثة بنات فأدبهن وزوجهن وجبت له الجنه …. وحديث آخر إذا مات إبن أدم إنقطع عمله إلا من ثلاث إحداهن ما تقومين به أنت من دعاء لأمك فهذا يصلها وهي في قبرها بإذن الله… فهي لم تمت ما دام إنتى تدعو ليها وكل القراء يدعون لها بالرحمة والمغفرة
اللهم يارب جبريل وميكائيل يا مالك السموات والأراضين يا أرحم من في الكون إن عائشة بنت عبد اللطيف والدة منى سليمان لو كانت ضيفتنا لأكرمناها ولكن هي ضيفتك وبجوارك الآن فأكرمها يا ربي بالفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء يا أكرم الأكرمين…وأرحم اللهم سائر موتى المسلمين… يارب
شكراً لك أيتها الرائعة دوماً
الف رحمة ونور على والدتك العظيمة والخلف ما متش وربنا يطرح البركة فيك واخوتك عموما الحيث عن الامهات دائما يسيل الدمع السخين ندعو المولى الكريم ان يرحم ويغفر لمن فارق منهم الفانية ويدى الصحة والعافية للباقيات الاحياء
العزيزة الغالية منى
لك كل الحب والتقدير وانت تعبرين قلوبنا يومياً وتعيشين معنا كل احساسا لمختلف الظروف —– جاء عيد الام —- هذا اليوم الذي كنا ننتظره بفارق الصبر لنتبارى كل الاسرة — ونتنافس في هدية هذا اليوم من كل عام —— ولكن —— الى من هدية عيد الام هذا العام —— هاتفتنى جميع اخواتي — وانا دائما رأس القايده على قول امي ——- سألوني الى من الهدية هذا العام ——- حيث امي سبقت هذا اليوم الى الرفيق الاعلى قبله ب 55 يوم اي نعم اليوم بالظبط 55 يوما على رحيل أمي —– والاحتفال أصبح موجه من الحزن والكآبة والظلام —— ولكنى اقترحت بأن يكون الاحتفال قائماً بالدعاء والالحاح والرجاء من الله تعالى أن تكون أمي احتفالها الان في الجنة وبطريقةً أخرى الله اعلم بها ——- ونسآل الله ونتمنى ان تكون في ( سدر مخضود — وطلح منضود —- وظل ممدود — وماء مسكوب—- وفاكهة كثيرة —- لا مقطوعة ولا ممنوعة — وفرش مرفوعة —
ونعرف أن أمي كانت تخاف الله فنسأل الله أن تكون في جنتان أليس هو القائل عز جلاله ( ولمن خاف مقام ربه جنتان)
وأقترحت على أخوتي أن تذهب هدية عيد الام الى اعز صديقات أمي – كما وصانا الحبيب المصطفي (ص) ان نعز صديقهما —
رحم الله أمواتنا وجعلهم من أصحب اليمين — ونسأل الله أن ييسر حسابهم — وييمن كتابهم — ويثبت في الصراط أقدامهم —- ويدخلهم الجنة من غير عزاب ومناقشة وحساب — آمين
ام احمد
رحمة الله عليها وربنا يصبرك ويديك العافية ويلهمك الدعاء الصالح ليها
وربنا يرحم امهاتنا وامهات المسلمين واباءنا واباء المسلمين
وربنا يخلى لينا امنا ويحفظها لينا ويديها العافية ويقدرنا على برها
الانسان يتالم عندما تفتح الجراح خاصة فى فقد عزيز فى القلب مثل الام وهى الاسف انسان واحد لا يتكرر ولا يمكن ان يكون مثله … ان فقد الام امر لا يمكن ان يعبر بكلمات ولكن هو قدر الله .. الام السودانيه هى منبع للحنان الفياض للايثار الذى لا يمكن ان يكون مثله للنبع الفياض الذى لا ينضب حتى بعد وفاته انا ما نتمناه للامهات الاحياء ان يمد الله فى عمرهن وللاموات ان يتقبلهن تقبل حسن نسال الله ان يفتح لهن ابواب الجنة وان يدخلهن فى رحمته وعلينا ان ندعو لهن دائما بالمغفرة … الام هبة عظيمة من هبات الله 😎 😎
سلام ورحمه الله اهنيك يااختنا العزيزه مني علي كتاباتك الرائعه ونحن في الغربه والله كل يوم ننتظر عمودك والليله بكيتينا عديك كدي خفي عني شويه من المواضيع الحنينه لاننا مابنستحمل واتمني ليك المذيد من التوفيق
لك التحيه والتهنئه كذلك لانك ام ،، ولوالدتك من رب العباد المغفره وجنات الخلد . والحديث عن الامهات كما فى بداية مقالك لا تكفيه صفحات وصفحات ،، واسطر قليله خطيتيها ابكت من فقد امه ونبهت من لهم امهات على وجه البسيطه وفيهم من لايعرف قدرها للاسف الشديد ……وعسى ان تكون كلماتك البسيطه قد ايقظت فيهم روح المحنه والرحمه ومراجعة النفس فى حق امهاتهم قبل رحيلهن ….. وعندها لن يجدى البكاء ولن تفيد الحسره …. ومن دون الام رضاها برضا الرب ومن منا لايتمنى ذلك الرضا . ولك التقدير ودمتى
ازيك يامني والله انا اول مرة اعرف انك محسية انا محسي من كرمة البلد
ياسلام يامني ذكرتينا الوالدة العاجبني بتتكلمي بكل صراحة واريحية ربنا يرحم والدتك ويغفر ليها 😎
كم انت عظيمة يا منى و جسدتي كل المعاني للام في مقالك الجميل ولم تتركي كظيدا لزائد فالف رحمة و نور علي المحسية امك ست الحبايب و من خلالك لامي العزيزة الحاجة ثريا و هي طبق الاصل و نسخة كربونية من الحاجة والدتك عليها رحمة الله و طولت العمر لعزبزتنا الحاجة ثريا و اله يحفظها و يحفظ جميع الامهات و يكفيها فخرا ان الدنة تحت اقادامها فيا ليتنا ندرك هذا المعني و نقبل الارض التي تحت قدميا و ليس قدميها فقط فليبارك الله كل الامهات و كل سنة و كل الامهات بالف الف خير
الف رحمة ونور علي والدتك وربنا يديك الصحة والعافية وحقيقة مهما قلنل وكتبنا لن نوفي الام حقها ولو مثقال ذرة من الذي فعلته لنا ومازالت تقوم بواجبها رغم اننا كبرنا وصرنا شبابا التحية لكل ام في ارجاء هذه المعمورة فانتم الهواء الذي نتنفسه ولولاكم لما جئنا الي هذه البسيطة
السلام عليكم . طبعا نحن الرجال ما بنقدر نعبر عن شعورنا لكن والله فى الغربة هنا بنعانى اشد المعاناه خصوصا مع مرض الوالدة الذى طال الله يشفيها ويقومها بالسلامة امين لدرجة انو الواحد لما يجيه تلفون من السودان قلبو بيقع بين رجلينو خوفا من سماع خبر مش ولا بد. الله يرد غربتنا ونشوف اهلنا سالمين وطيبين
سلام
امنا ياحبيبة
لو بس نعرف نجازيها؟
عموما تحياتي لكاتبة المقال
ولكل المعلقين ربنا يحفظ اماتنا
لكي العزة يا اختي ولى كل ام
الاستاذة منى سلمان تحية واحترام
إذا طلب من إنسان ان يحصي نعم الله علية لامحالة يعجز ، فان الام كذلك نعجز عن التعبير عنها لانها اكبر من ان توصف