أحكم الليبراليون قبضتهم
*أحد الكوادر الإعلامية السودانية ممن عملوا لمدة ربع قرن من الزمان في إعلام تلك الدولة العربية الخليجية ثم تنقل بين إصداراتها التي تصدر في لندن والتي تصدر في الشرق، وهي تمتلك يومئذ مجموعة من الصحف والمجلات والفضائيات العربية، قال لي الرجل في لحظة تجلٍّ، ليس بمقدور أي كادر من الإعلاميين الإسلاميين أن يعمل في أي واحدة من هذه المؤسسات الإعلامية التي يديرها بالكامل ليبراليون محترفون عرب.
*ولعمري إن الذي يملك الإعلام يملك بطبيعة الحال أدوات تشكيل أجيال المستقبل ويرسم خارطة طريق الأمة، اعطني فضائية واحدة بإمكانيات (قناة العربية السعودية) على سبيل المثال، أعطيك أجيالاً بأكملها موغلة في الليبرالية والعلمانية.
*من هذه الزاوية تستطيع أن تقرأ بامتياز – الهجمة الضاربة التي تعرضت لها فعاليات ثورات الربيع العربي التي أتت بالإسلاميين إلى سدة الحكم.
*لم يهدأ لتلك النخب الليبرالية والمؤسسات الإعلامية بالاً إلا بعد أن أطاحت بتلك الحكومات الربيعية واحدة تلو الأخرى، ثم بعد ذلك تفرغت إلى الدول التي ترعى (الإرهاب)، أو قل التي تحتضن تلك الأفكار وترعى وتستضيف بعض رموزها.
*هذا هو أفضل منبر ومكان أن تقرأ من خلاله قرار ثلاث دول خليجية هي السعودية والإمارات والبحرين، بسحب سفرائها من دولة قطر.
*فدولة قطر هي الدولة الوحيدة التي امتلكت الجرأة لاستضافة إسلاميين من العيار الثقيل، إسلاميين في وزن الشيخ الدكتور القرضاوي رئيس الاتحاد الإسلامي العالمي، والثائر خالد مشغل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.
*لم تكتف الإمارة القطرية بذلك، وهي تسمي الأشياء بمسمياتها، قالت إن الذي حدث بجمهورية مصر العربية الدولة العربية الأكبر، هو محض انقلاب عسكري ولا شيء غير الانقلاب، وهذا يخالف الهوى الخليجي الذي كافأ الفريق السيسي بمبلغ واحد وعشرين مليار دولار على ثورته التصحيحية.
*وتكمن خطورة هذه الهجمة الشرسة في ما إذا نجح هذا (الحلف الخليجي) في فرض إرادته في المنطقة، فإن آخر دولة عربية إسلامية كانت تستضيف الإسلاميين الذين ضاقت بهم كل العواصم ستتخلى عنهم، ولا أعرف عاصمة عربية بعد الدولة يمكن أن تفتح أبوابها لهؤلاء وللقضية الفلسطينية.
*على أن أكبر الخاسرين بعد أن أحكم الليبراليون قبضتهم على المنطقة العربية والمنطق الفكري الإسلامي هي بامتياز حركة حماس والمقاومة الإسلامية، فالليبراليون المصريون لم يكتفوا بقفل المعابر في وجه قطاع غزة فحسب، بل لقد اعتبروا حماس جماعة إرهابية وحظروا كل أنشطتها وتحركات قادتها.
وكأني بإخوان مشعل يرددون صباح مساء دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة الضيق بين نخشبي الطائف.. اللهم إلى من تكلنا؟ إلى عدو يتجهمنا وصديق يتربص بنا، فالعدو الإسرائيلي أمامهم والمعابر المغلقة والحصار المحكم من خلفهم!
*غير أن بعد ذلك الضيق والحصار كانت حادثة الإسراء والمعراج بكل تجلياتها وسعة ورحابة فتحها التي بلغت عنانا لسماء فضلاً عن رحابة الأرض.
*على أن أسوأ ما في هذه المعادلة أن الليبراليين يحاكمون الإسلاميين بالإسلام (والإرهاب) ويستخدمون في ذلك دولة دينية باهظة.
*مخرج.. إن سحب المعاملات المصرفية عن السودان يأتي في ذلك السياق، تتعدد السحوبات المالية والدبلوماسية والهدف واحد، أن تدين أمة محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم بالشرعية الدولية) وأن تولى وجهها شطر البيت الأبيض بدلاً عن البيت الذي ببكة مباركاً وفيه هدى للناس.
*لا حول ولا قوة الا بالله.. قوموا إلى صلاتكم واخلصوا الدعاء لقاصم الجبارين الملك الواحد القهار..
ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي