تعليمات جديدة.. خطيرة
يبدو أن حلقات الحصار حول السودان تزداد وتيرتها بسرعة.. أمس أرسل لي أحد أبنائنا المغتربين في السعودية منشوراً تسلمته شركة الشحن التي يعمل فيها.. وهي وكيل شركة شحن عالمية سنغافورية.. التعليمات الواردة في المنشور (خطيرة للغاية).. تمنع شحن أي بضائع إلى السودان.. إذا كانت هذه البضائع تخص (الحكومة السودانية أو إداراتها أو منظماتها أو الأعمال أو حتى الأشخاص المرتبطين بالحكومة) وقال البيان إن ذلك يأتي امتثالاً للمقاطعة الأمريكية ضد السودان..
وتمتد المقاطعة أيضاً للبضائع الصادرة من السودان.. إذا كانت تتبع للحكومة أو أي من توابعها.
هذه التعليمات الجديدة.. ترسم صورة واضحة لحلقات الحصار الاقتصادي حول السودان التي بدأت بوقف التعاملات البنكية والتحويلات..
في تقديري مثل هذا الوضع لا يمكن التقليل من خطورته على النحو الذي تحدث عنه بنك السودان المركزي قبل أيام حينما قال إن المقاطعة المصرفية العالمية لا تؤثر على المعاملات المالية الخارجية. يبدو أن سيناريو المقاطعة مبرمج بدقة وتمتثل له حتى الدول العربية.
وبقراءة هذا المشهد المتواتر مع الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة ضد السفينة الحربية الإيرانية التي اقتادتها البحرية الإسرائيلية وأجبرتها على الرسو في ميناء “إيلات”.. واضح تماماً أن المواجهة مع المجتمع الدولي باتت مكشوفة.
لا أدري ما هي الخيارات التي يفكر فيها متخذو القرار الاقتصادي في السودان.. لكن بكل تأكيد لو استرخوا على أنغام معزوفة الطمأنة التي أطلقها بنك السودان فإن الكارثة حتماً لن تكون مفاجأة..
لا يمكن افتراض أن هذه الإجراءات المتتابعة مجرد (صدفة).. فالاقتصاد العالمي حلقات متصلة ومترابطة بقوة.. ولن يكون مثيراً للدهشة إذا انصاعت الدول المتحالفة مع السودان في صناعة النفط، الصين وماليزيا للسيناريو العالمي..
وفي تقديري أن أكثر ما يبعث على الإحباط أن متخذي القرار الاقتصادي غير قادرين على الإفصاح عن العلة الحقيقية التي لابد أن تعالج للخروج من نفق هذا الحصار الدولي.. علة السياسة.. فالعالم يباشر هذه الإجراءات الاقتصادية ضدنا على خلفيات (سياسية!) محضة.. في صدارة هذه الحيثيات الموقف الداخلي في السودان.. الحروب المزمنة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق والاختناق السياسي في المركز الخرطوم..
ربما تبدو بعض إجراءات (التغيير!!) الأخيرة في نظر الحكومة كافية لإبداء (حسن النوايا) التي يجب أن يقدرها المجتمع الدولي.. لكن هذا محض أوهام.. التغيرات الأخيرة لا تزال تقف في محطة (الأشخاص) ولم تؤثر على السياسات أو منهج التفكير.. بل ويبدو حتى الحوار الشامل الذي بشر به حزب المؤتمر الوطني في طريقه نحو الانهيار.. قبل أن يبدأ.
وإذا لم تأخذ الحكومة الأمر على محمل الجدية وتعجل من خطواتها نحو توفيق الأوضاع الداخلية أولاً- وفتح منافذ الحوار بمعناها الإيجابي الذي يستلزم إطلاق الحريات السياسية وحريات التعبير.. فإن القدر حتماً واقع..
وربنا يستر..!!
حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]
لايغقل ان تكون الحكومة ومهما كانت واهنة انها تقف فى مرحلة التامل ، ولكن السؤال هو هل التفكير يساوى لعظم الكارثة ام لا، والملاحظ انه حتى كبار الصحفيين والمفكرين لديهم قاسم مشترك بمناقشة جميع مشاكل السودان بسذاجة حادة، وكانما السودان ملك للاخوان المسلمين او مهما كان المسمى ، السودان يمر بمحنة كبيرة وليس هذا وقت الشماته والتشفى