قصة تحرير مدني من أغلال الأسر وإطلاقها لزغرودة النصر
لم تنطلق هذه الزغرودة بغتة ولم يتحقق هذا النصر والانعتاق من بين براثن متمردي الدعم السريع ومرتزقتهم فجأة.. وإنما جاءت الزغرودة نتيجة للصبر والمثابرة وقوة عزيمة الرجال و شدة شكيمة الأبطال من عناصر القوات المسلحة السودانية والأجهزة الأمنية المختلفة والقوات المشتركة وكتائب المستنفرين والمقاومة الشعبية، الذين صالوا وجالوا في ساحات المعركة كالأسود الضارية فقدموا صورا نادرة للتضحية والفداء صونا لتراب هذا الوطن ومهراً لتلك المدينة الوادعة التي تقع على ضفاف النيل الأزرق .. مدينة ود مدني.. مدني السني التي تعتبر قلب السودان النابض بالحياة وشريانه المفعم بالرفاه..
أجل! هبوا هبة رجل واحد فزحفت متحركاتهم ومحاورهم العسكرية تجاهها في ثبات خطوة تلو خطوة من كل صوب في ظل مقاومة شرسة من متمردي الدعم السريع و مرتزقتهم من عربان الشتات الذين لم يصمدوا طويلا أمام ضرباتهم الموجعة .. إذ انهارت دفاعاتهم الأمامية في لمح البصر كتلال من الرمال ارتكازا تلو ارتكاز في وجه تلك القوات الزاحفة المسلحة بعزيمة الرجال وإصرار منقطع النظير نحو بلوغ هدفهم النبيل ألا وهو تحرير مدينة ود مدني وتطهيرها من رجسهم .. فلم يتركوا لهم خيارا في نهاية المطاف سوى اللواذ بالفرار إلى داخل المدينة للإحتماء بين أحيائها و مبانيها الشاهقة ليحاربوها من وراء الحجب..
أجل، تمكنت تلك الجيوش الزاحفة في تأنٍ وتؤدة من إحكام الحصار على تخوم المدينة ومشارفها من كل حدب وصوب، فأدخلت الهلع والرعب في قلوب المتمردين و رعاديدهم من المتعاونين الذين عاثوا فسادا فيها من انتهاك للأعراض، ونهب للمتلكات، وإذلال للمواطنين العزل، علاوة على المخذلين والمرجفين من أدعياء الإدارة المدنية من انصار قحت (تقدم) .. إذ طوقوهم من كل فج وسدوا عليهم المنافذ من كل درب .. وكأنهم يقولون لهم لا مهرب ولا منجى لكم اليوم من نيران أسلحتنا جزءا لما اقترفتموه من جرائم نكراء وانتهاكات شنعاء تشيب لها الرؤوس في حق المواطن الأعزل في مدن الجزيرة وقراها.
أجل! حاصروهم في مدة ليست بالقصيرة، فأخذوا يناوشونهم من وقت لآخر، تارة بالمدفعية الموجهة والغارات الجوية وتارات اخري بالطائرات المسيرة والعمليات الفدائية لأبطال العمل الخاص.، وظلوا هكذا يطبقون عليهم الحصار شهراً إثر شهر حتى تنزلت إليهم الأوامر من القيادة العسكرية العليا بمداهمة مواقع تحصيناتهم ومعاقل دفاعاتهم داخل المدينة أينما وجدت فاقتحموها عنوة واقتدارا فلم تدم المعركة بينهما طويلا حتى دكوها على رؤوسهم دكا.. وألحقوا بهم هزيمة نكراء سارت بها الركبان.
أجل! قدموا مئات الشهداء من جنود وصف ضباط ومستنفرين وضباط برتب رفيعة يأتي على رأسهم قائد قوات جيش حركة تحرير السودان جناح مصطفى تمبور بمحور الفاو الشهيد البطل العميد إمام زكريا خميس الذي استشهد في معركة أم القرى الحامية الوطيس في النصف الأول من شهر ديسمبر المنصرم عام 2024م و التي دارت رحاها بين قواتنا الباسلة و متمردي الدعم السريع ومرتزقتهم من دول الجوار الأفريقي و أوباش غرب أفريقيا.. اذ قدم صورة مشرقة عن الجندي السوداني المقدام والقائد الملهم والبطل الهمام الذي يبذل روحه رخيصة فداءا للوطن.. حيث رفض الانسحاب من أمام العدو بالرغم من تكالبهم عليه وكثافة نيرانهم تجاه محوره .. إذ ظل يقاتل وينافح عن موقعه وثغره الذي أوتمن عليه حتى نفدت ذخيرته فاستشهد قبل أن تصله النجدة ففاضت روحه الطاهرة إلى بارئها شهيدا من أجل وحدة تراب الوطن..
هكذا هم أبطال الجيش السوداني الاماجد و مغاوير القوات المشتركة الأشاوس الذين رووا أرض السودان بدمائهم الزكية وأجبروا العدو في معركة تحرير ود مدني على الفرار من أمامهم كفرار الضباع من أمام الأسود الغاضبة مخلفا وراءه مرتزقته صرعي بين قتيل وجريح وأسير في ساحة المعركة.. لذا حق لمدني أن تمسح دموعها الآن بفخر َوتطلق زغرودة الفرح ابتهاجا بالنصر و احتفاء بتحررها من أغلال الأسر.
عوض أبكر إسماعيل