ثلة من “أبناء الخرطوم” ومثقفيها الذي باعوا أنفسهم للشيطان
فرحة العودة و أهازيج الإنتصار تنهي معاناة آلاف النازحين من مدن ولاية سنار و قراها الخضراء..يعود الناس إلى ديارهم لتعميرها و لتعلم الدروس حول حب هذه الأرض و حول قيمة هذا النيل المتدفق من الجنة كما رأوها في عيون المستوطنين الطامعين. الشعب قال كلمته ، هل هنا نمثل الشعب ؟ نعم أو لا ، المهم ، نحن قلنا كلمتنا و أرقنا دماءً منّا و من أعدائنا مهرا لتلك الكلمة و ثمنا لذلك الإختيار.
من أهم الدروس و أعجلها أن ثلة من “أبناء الخرطوم” ومثقفيها الذي باعوا أنفسهم للشيطان لم يكونوا يعرفون هذه القرى و لم يحملوا ودّاً لأهلها . بل طرحوا مصائرها في موائد القمار و راهنوا بكل الذي لا يملكونه من هذه البلاد. أرضها و نيلها و زرعها و ناسها مقابل الوعد المبهم بالسلطة و بإعادة صياغة الشعب عن ميوله الإسلامية “المدمرة” لتنمية السودان و نهوضه!.
مع تحرير الأرض ، يتكشف ثمن الخيانة و فداحة السقوط الذي مارسه الحمدكيون. فرحوا عندما حزن الشعب و الآن دخلوا في نوبة حزن مؤلمة مع إنتشار الفرحة و الأمل.
النصر لا يدمّر المسلحين فقط ، بل يعرّي حمدوك و صحبه ، يقتلهم و يفضحهم : ليت حماية المدنيين تأتي على أيدي قواتٍ من جيوش أممية و ليس جيش السودان الوطني. الآن سيعتقد السودانيّون في هذا الجيش و يحبونه و يتكلمون بغزارة حول أهمية الدفاع عن هذه الأرض و “استرخاص” التضحيات التي قدّموها و سيقدمونها لأجل ذلك. سيظنون بأنهم “كلنا جيش” و سيشعرون بالتحدي و التشككك من مشروع حمدوك و صحبه. بالشيء المجهول الذي أتى من اللامكان و حاولوا أن يصنعوا له تاريخاً و كازيما لم يشأ الله منحهما له ، فقالوا لنا أنه يمثلنا و يشبهنا. فإذا هو آية في الخضوع و صاحب قدرات متوسطة في التعبير و اللبس و ضعيفة في كسب القلوب و العقول. كان ممسكاً بقلمه طوال فترة الحرب لكي يوقع عقود بيع الأرض للإمارات و قرار تعيين دقلو رئيسا له كما فعل يوم أن كان رئيس حكومة الثورة. الجيش أعدم قلمه الحبر ، و الشعب سحب تلك الورقة الآثمة من أمامه. لم يكن محظوظاً ، فبعد التوقيع كانوا سيسمحون له بالإنسحاب و العودة الى كهفه التافه الذي نزل منه و مواصلة معاقرة الملل في معاشٍ إجباري بما تبقى له من كبد يعمل و ينتج.
قد استدار الزمان ، و عادت نغمة الإنتصار بعد طول إنتظار. لقد راينا دعواتنا تتحقق ، و شهدنا رجاءنا لله يهتف مع تكبيرات الرجال في الجبهات. لقد أدّينا ما علينا من صبر ، و بقي ما لنا من نصر. لقد نهضنا من الأرض ننفض الغبار عنا. و وقفنا لنرى قهر الرجال يعاني منه عدوُّنا . ستمر بكم الليالي الطويلة التي مرّت من قبل بنا. ستتألمون بدون عزاء. حينها سنقول لكم ما ظللتم ترددونه كلما رأينم الشعب يعاني : إنها الحرب يا حمدوك! إنها طبيعة الحرب. منتصر و مهزوم. فانظر أيّ منزلة أنزلكها الله يا رجل . و اختر مكانا في الأسفليين.. بين السجن عندنا أو الزحف عائداً إلى كهف النسيان الذي جاؤا بك منه.
عمار عباس