بنادق الجنجويد ضد النسب الثقافي السوداني
بنادق الجنجويد ضد النسب الثقافي السوداني
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
ماذا لو تكلمنا هكذا بشيء من الوضوح والإفصاح وأن نضع كل الأسئلة عن أسباب تمرد الجنجويد وخوضهم هذه الحرب ، والأزمات المكدسة بعضها فوق بعض على ظهور أهل السودان ؟
وحتى نكون على بينة من الكلام :
* هل الجنجويد يقاتلون ضد الجيش لإسقاط الحكومة ؟
نعم !
* هل يقاتل الجنجويد لإقصاء الإسلاميين ونفيهم من الوجود ؟
نعم !
* هل يمارس الجنجويد في حربهم هذه أبشع عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية والتهجير القسري ، ضد قبائل الزرقة – السود – المساليت ، والإرنقا في غرب دارفور خاصة ، وكل من ينتسب إلى العنصر النوبي أو الزنجي عرقا ودما ولونا لإستأصالهم من أرضهم ومحو آثار أسلافهم ؟
نعم مارسوا كل ذلك في أقليم دارفور عامة !
* هل الجنجويد في تمردهم هذا يقاتلون من أجل
إستأصال وإزاحة الجلابة وأبناء الشريط النيلي من أقصاه إلى أقصاه ، بجميع مكوناتهم القبلية ؟
نعم !
* هل الجنجويد يقاتلون ضد دولة ” 56 ” ؟
نعم وهذا هو شعارهم الأعلى !
* فما علاقة بيت مشكاة العلوم والمعرفة البروفيسور علي شمو بالجيش ؟
* ما علاقة بيت الرياضي نجم فريق نادي المريخ الراحل سامي عزالدين بالجيش ؟
واسألوهم عن الزعيم الازهري ومحمد احمد المحجوب !! هل المدنية مختبأة في بيوت أسرهم ؟
* والسؤال الكبير .. ماذا تبقى من السودان بعد كل ذلك باستثناء أحزاب قوى الحرية والتغيير ” قحت ” محبوبة الجنجويد .
البداهة تقول إن المسألة ، ليست مسألة إسقاط البرهان والبحث عن الديمقراطية ومدنية الدولة ؟ وهل لا يتحقق ذلك إلا بتلك المذابح في دارفور ونفي وإقصاء كل أهل السودان ؟
هذا التمرد الأقبح في تاريخ السودان ليس إلا هو مشروع فكري ثقافي آخر يحمل معتقد وتصورات تهدف أولا للخلاص من الشخصية الثقافية السودانية ، ومحو ملامح سودانويته المائزة . وفق مخطط دولي يخفي في أصله فطرة دكتاتورية ونزعة للتسلط والتفرد والإستئثار بالسودان وجغرافيته .
في فوهات بنادق الجنجويد ومدافعهم الآن أخطر مشروع فكري ثقافي مضاد لإرثنا المعرفي ، والتركيبة السكانية ، بفسيفساء مكوناتها الإجتماعية ، وقوس قزح أعراقها ، ومشاربهم الثقافية المتعددة الوسامة والجمال .
الجنجويد وكلاء دعاة يستترون وراء حدودنا . حرب هي في الأصل دعوة لعمليات إزاحة شعب بثقافته ومياسمه المائزة في الحياة ، وإبداله بشعب ومجتمعات أخرى ذات خصائص قابلة للتشكل وفقا لمعتقد جديد بتصورات ورؤى فكرية ثقافية متخيلة .
هذه الحرب ليست ضد الجيش وحده ، وإلا ، لماذا دمروا الجامعات والمؤسسات الأكاديمية العلمية وأحرقوا المكتبات الفكرية الثقافية بكل تلك الفظاظة ؟
ما علاقة الجيش بالمتحف القومي ودار الوثائق القومية حتى تنالها مدافع الجنجويد ونيرانهم الحارقة ؟
وما علاقة قبائل الفور والمساليت والإرنقا والنوبة بدولة ” 56 ” ؟
وأسألك بالله يا قارئي ، ما هي نسبة الديمقراطية في دم عرب دول الخليج ، وهل لديهم وسائل للحكم غير الوراثة التناسلية الأسرية أب عن أب ؟
ومن أين للعربان معرفة لمعنى المدنية وأصولها ؟ أليست حياتهم هي تزلف لروح العصبيات العرقية والعنصريات ؟
وأية نكهة للديمقراطية في الطبق القبلي العشائري عند عربان الخليج ؟
أولئك العربان المدججون بالتناقضات ، ما فهمهم للديمقراطية والحوار ؟ وكيف يحددون علاقتهم بالآخر ؟ وما علاقتهم بالأنسنة ؟
الجنجويد في هذه الحرب ليسوا إلا ظهور تم إستإجارها لتحمل أسفار مشروع فكري ثقافي دولي مضاد للنسب الثقافي السوداني المتفرد في أصالة بعده الحضاري .