رأي ومقالات

في قضية كيكل

الحرب قضية حياة أو موت لا تكسب بالحماس والمشاعر فقط، علي أهميتها، ولكنها تكسب بتحكيم العقل الذي ينظر للأمام ولا يرتهن للغبائن والعواطف النبيلة.

وفي علوم نظرية اللعبة يتعين على اللاعب ان يحسب رد فعل الطرف الاخر لحركته، و رد فعل جل الأطراف الهامة، وان يتحسب لها ويكون جاهزا بالحركة التالية.

الحرب ضد جنجا متمرسين البحر خلفهم لا تكسب فقط بالشعارات. علينا وعي التوازنات والخيارات المتاحة وما يترتب علي كل خيار.

ورد في الأثر ان فيلسوف الصين صن تزو قد ذكر في فن الحرب قبل الفي ونصف عام ان العدو المحاصر في زاوية بلا نفاج لمهرب سيقاتل بشراسة حتى اخر لحظة. فعلي من زنق عدوه في ركن قصي ان يكون جاهزا لمعركة كسر عظام أو ان يترك له مهربا حتى يفر العدو وتكسب المعركة بخسائر أقل.

لذلك فان قبول الجيش بإستسلام كيكل قرار سليم لانه يحقن دماء بريئة ويحفظ ممتلكات مواطن بسيط. كما أن القرار يغري جنجويد أخرين بان يكيكلوا ويستسلموا وهذا يحفظ المزيد من الدماء ويسرع بهزيمة نهائية للجنجويد.
في قضية كيكل يوجد نوعان من الأخطاء المحتملة.

ينطوي الخطأ الأول علي تصعيد غاضب برغبة الثار من كيكل وهذا يغري كل الجنجويد بمواصلة القتال الشرس والمكلف لنا لعدم وجود بديل آخر في جعبتهم.

الخطأ الثاني يتمثل في الإحتفال الزائد بكيكل وترقيته من قاطع طريق إلي بطل قومي.
الموقف الصحيح هو ضبط الوزنة بدقة لا تخطئ بهجوم كاسح علي كيكل ولا بإحتفال به يستفز مشاعر الشعب. يمكن تصوير الوزنة بانها تجاهل آني، نسبي، حميد.

وهذا لا يعني القبول بكل مستسلم بنفس الشروط. يمكن التفاوض مع كل من يجنح للاستسلام بشروط تختلف صرامتها وتنازلاتها حسب توازن القوة وتبدل السياق والزمان. ولكن علي الجيش بان يفي بكل ما ألتزم به. كما من حق الجيش رفض التفاوض في أحايين أخري.

وبعد أن يتم حسم الحرب نهائيا من الممكن فتح ملف الحق الخاص في سياق فقه عدالة إنتقالية لا تنسي أي جريمة أرتكبت ولا تنسي أن العهد ملزم وان حفظ المصداقية التعاقدية للحكومة والجيش أصل في قمة الأهمية تحتاجه المصلحة العامة.

معتصم اقرع