د. مزمل أبو القاسم: شوايقة.. والبلد رايقة!!
* في أي عصرٍ يعيش هذا الرجل؟
* الخطاب الانهزامي المنكسر الذي ألقاه قائد التمرد، المجرم المعتدي الأثيم.. (أسير الجهل والغرور الأجوف) محمد حمدان دقلو (حميدتي)؛ يدل على أن هذا الجنجويدي الموهوم يعيش خارج إطار الحاضر، وأنه أجهل من دابة بتاريخ الدولة التي يسعى إلى حكمها ويحلم بالسيطرة عليها.. وهيهات!
* في مستهل شهر سبتمبر الماضي، تحدثت في حلقة خاصة من (بودكاست منصة بلد الخير) عن أن حميدتي يتحدث لخاصته عن أن الحرب المجنونة التي أشعلها في الخامس عشر من شهر أبريل 2023 تدور مع قبيلة الشايقية دون غيرها، وأن قادتها هم علي كرتي وصلاح قوش وأسامة عبد الله وعلي عثمان محمد طه وعوض الجاز وغيرهم من أبناء قبيلة الشايقية في حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية!
* ذكرت ذلك الحديث في معرض تعليقي على إفادات وكتابات صادمة صدرت عن الدكتور وليد مادبو، الذي دعا جهرةً إلى (قطع شأفة) قبيلة الشايقية، وذكرت أنه ردد ذلك الحديث القبيح المستهجن نتاجاً لاجتماع غير معلن جمعه مع يوسف عزت (المستشار السابق لحميدتي) في العاصمة البحرينية المنامة، أعقبه وعيد وتهديد أصدره الوليد، وقضى بحشد جيش عرمرم قوامه مائة ألفٍ من المرتزقة الليبيين، يبادر بغزو الولاية الشمالية وولاية نهر النيل عبر مدينة الدبة!
* بالأمس انتقل قائد التمرد من مرحلة الوعيد السري إلى التهديد العلني لقبيلة الشايقية، عبر خطابٍ مهزوز، ظهر فيه حميدتي ضعيفاً، خائر القوى، منهار المعنويات، أعلن فيه أن قواته تعاني من نقصٍ مريع في الإمداد (والحروب إمداد)، ونقص في الرجال، استدعى منه التوجيه بقطع الإجازات ومنع الأذونات، وتوجيه كل الضباط وضباط الصف والجنود بالتبليغ وحداتهم فوراً.
* كذلك حوى الخطاب اتهاماتٍ لا يسندها أي دليل لجمهورية مصر العربية الشقيقة بأنها أقدمت على (بل الأشاوذ) بالطيران في منطقة جبل موية، التي تجرعت فيها المليشيات هزيمةً مريرةً، أفقدت زعيم الجنجويد أعصابه وجعلته يهذى كالمجنون، ويهاتر ويردد حديثاً مثيراً للسخرية والرثاء على حد السواء، عكس في مجمله الوضع المتدهور لقواته ومرتزقته في الميدان، بعد أن تسلّم الجيش زمام المبادرة، وشرع في تكسير عظيم المليشيات وطحنها بلا رأفة في كل المحاور!
* ما يهمنا في هذا المقال يتصل بالاتهامات التي قذفها الباغي الشقي في وجه واحدة من أعزِّ وأشهر قبائل السودان، بحديثه المنفِّر عن حرب الشايقية له!
* حديث مستقبح ومستهجن، يشير إلى نفسية مريضة، اقترن فيها الجنون بالغباء والجهل المُركّب، لأن حميدتي (الذي احتاج إلى قضاء عدة أيام في قسم العناية المكثفة واستلزم تجهيزه لإلقاء الخطاب تلقي ستة عشر من المحاليل الوريدية كي يتمكن شدّ صلبه وإلقاء الخطاب المهزوز) أعلن على الملأ إفلاسه وأشهر هزيمته من دون أن يدري.. ولا غرابة فالجاهل عدو نفسه!
* هل يعلم حميدتي (وأنَّى له أن يعلم؟) بأن آخر معركة خاضها أبناء الشايقية تحت راية القبيلة حدثت قبل أكثر من مائتي عامٍ من الآن؟
* لو ارتاد المدارس ودرس تاريخ السودان لعرف أن تلك المعركة جرت في حِلَّة أم بقر بمنطقة كورتي في الرابع من شهر نوفمبر من العام 1820، وتمت بين جيوش إسماعيل باشا الغازية وأبناء قبيلة الشايقية، بقيادة الملك شاويش، وبعدها ذاع صيت فتاة تجلس على هودج فوق جمل مزدان بالحلي تدعى (مهيرة بت عبود)؛ وهي بنت الشيخ عبود شيخ بادية السواراب أحد أشهر فروع الشايقية، وكانت مهيرة تنشد الأشعار الحماسية لتلهب حماس الجنود أثناء المعركة، الذين حاربوا تحت قيادة الملك جاويش والملك صبير والملك عمر وعدة زعماء آخرين.
* بعد تلك المعركة المشهودة لم تخض قبيلة الشايقية أي حرب، ولم يعرف عنها ميلاً لعنف، بقدر ما اشتهرت بإنتاج المبدعين من شعراء وفنانين وموسيقيين وأدباء ومادحين للمصطفى صلوات الله وسلامه عليه، نثروا الإبداع نثراً، وأثروا وجدان الشعب السوداني بأجمل الكلمات وأحلى الألحان.
* نعِّد منهم ولا نعددهم، في مجال المديح النبوي ود حليب وحاج الماحي وود شبو وود حسين والنقشابي وأبو شريعة، وفي مجال الشعر (ما أكثرهم)؛ ومنهم حِمَّيد وحسونة وعبد الله الشيخ البشير وحسن الدابي ومحمد عبد العزيز ومحمد جيب الله كدكي وعبد الله محمد خير وتاج السر عباس والدكتور محمد بادي العكودابي (ود بادي) وأزهري محمد على وإبراهيم أبنعوف وأحمد النضيف وخضر محمود ومحمد عثمان عبد الرحيم صاحب (أنا سوداني) وعبد الرحمن الريح وعمر الحسين (شدولك رِكِبْ فوق مُهرَك الجمّاح) ومدني النخلى ومحمد أحمد سوركتي وحاتم حسن الدّابى وسيد أحمد عبد الحميد ومحمد المهدى حامد وعبد الله كنة وخالد شقوري والفاتح إبراهيم بشير وخالد الباشا وإيمان ابنعوف، وغيرهم كثيرون، وفى مجال غناء الحقيبة أنجبت هذه القبيلة المبدعة محمد أحمد سرور وعبد الحميد يوسف وحسن خليفة العطبراوي والهرم الشامخ عثمان حسين وأحمد الجابرى وإبراهيم عبد الجليل وسيف الجامعة وأحمد شاويش وثنائي العاصمة ومصطفى سيد أحمد وحيدر بورتسودان وحيدر حدربى وخالد الصحافة ومحمد ميرغنى والموسيقار بشير عباس والملحن والملحنة أسماء حمزة وغيرهم كثيرون.
* وفي مجل غناء الطنبور قدمت قبيلة الفن والأدب (والإبداع والمحبة والحنية والسلام) عبد الرحمن عجيب وبخيت صلاح ومحمد جبارة ومحمد كرم الله واسحق كرم الله وعثمان اليمنى وعبد الرحمن بلاّص وصديق أحمد وميرغني النجّار ويوسف كرم الله وطارق العوض و(سيدا) محمد النصري وثنائي العامراب وجعفر السقيد وعبدالرحيم أرقي وعبد القيوم الشريف وعبد الرحيم البركل وعبد الرحمن البركل وغيرهم كثيرون.. لو أردنا حصرهم جميعاً فسنحتاج إلى سنواتٍ ومجلدات!
* ولو عطفنا على مجالات أخرى كالطب والسياسة والأدب والمسرح والقانون والإدارة والعلوم التطبيقية والنظرية والتربية والاقتصاد والإعلام وغيرها (أسكت كِب)!
* قدم لنا أبناء قبيلة الشايقية العلم والحب والسلام والوئام والإبداع والكلمة الطيبة والنغم الحنون ولم يكونوا دعاة حربٍ ولا هواة قتلٍ في أي يومٍ من الأيام.. حديثهم يزخر بالمحبة والمحنَّة.. كلامهم حلو، ولهجتهم محببة، ونفوسهم نظيفة، وعقولهم عفيفة.. لذلك اكتنزوا لأنفسهم محبةً قد لا تتأتى لغيرهم من أهل السودان.. فكيف يدمغهم الباغي الشقي بالعنف، وعلامَ يتهمهم بامتهان القتل؟ أيظن أنهم مثله؟
* حاشا لله، ما عرفنا عنهم إلا كل خير، ولا سمعنا منهم إلا ما يشجي النفوس ويشفي الصدور ويثري الوجدان ويُغني السودان.. أدباً وطهراً وفناً وثقافةً وعلماً وسلاماً ومحبة، لذلك نسأل الباغي الشقي كيف طاب لك أن تهدد أمثالهم، وتتطاول عليهم، لترميهم بما ليس فيهم؟
* من أين أتى حميدتي وأوباشه ليحلوا أمننا خوفاً، وسلامنا رعباً، وطمأنينتنا واستقرارانا نزوحاً وتشرداً وألماً ومعاناة؟
* ديار الشايقية التي يتوعدها المجرم الجهلول تستضيف حالياً الملايين من أبناء السودان الذين فروا من إجرام حميدتي ومرتزقته، وتقدِّم لهم المحبة والطمأنينة قبل اللقمة والكساء والدواء والمأوى، وإذا ظن أن تهديده ووعيده سيرعبهم فهو واهم ومخطئ وجاهل بالتاريخ.. لذلك نقول لأهلنا الكرماء ملوك الشمال: (شوايقة والبلد رايقة).. ونقول للمجرم المنهزم الجاهل الأرعن: (جرِّب.. كنتقدر)!
د. مزمل أبو القاسم