🔴 إلي دكتورة مريم إبنة رئيس الوزراء الأسبق
□□ إلي دكتور مادبو إبن وزير الدفاع الأسبق
□□ إلي دكتورة مريم إبنة رئيس الوزراء الأسبق.
□□ إلي كل المتاجرين بقضايا الهامش المتسولين على موائد باريس، وماقبل باريس، وما بعد باريس.
□□ إلى المتحالفين مع تتار العصر الحديث للقضاء على دولة ٥٦، الناقمين على أبناء الشمال النيلي، بحجة استئثاره بخيرات الوطن المزعومة.
□□ إلى كل سياسيي الزمان العجيب الجامعين بين العمالة والكذب والإفتراء.
□□ إلى من ظلوا عقودا من الزمان يأكلون من كل الموائد حكاما ومعارضين، ثم يتحالفون الآن مع من يدفع أكثر وإن دمر الوطن الذي ظلوا من لحمه يأكلون حلالا وحراما.
□□ إلى كل أولئك أقول:
□ أنا دكتور الطيب عثمان سوركتي؛ إبن السودان وإبن الشريط النيلي.
□ سافر أجدادي إلى مصر مشياً على الأقدام وركوباً على المراكب الشراعية، طلبا للرزق والعلم، فنالوا شيئا من هذا وقدرا من ذاك.
□ ثم سافر أبي الى مصر قبل ان يبلغ العشرين، حتى يعول والديه الكبيرين ثم يفكر في الزواج.
□ فتنقل بين بورسعيد والقاهرة،. عاملاً في المقاهي وبعض المحال التجارية.
□ ثم رجع إلي أمدرمان
ثم سافر الي القضارف وطوكر مزارعاً عاملاً بضراعه في أراض يمتلكها الكبار واصحاب النفوذ الطائفي الذين أنتم جزؤ أصيل منهم وظللتم ترضعون أنتم وهم من عرق ودم هذا الشعب لأكثر من مائة عام من الزمان.
□ وختم حياته العملية في كشك صغير في سوق بورتسودان، ولما داهمته الأمراض أخرج ابنه الأكبر من المدرسة ليلحقه جنديا بالجيش، ليحمل معه هم الاسرة وتكاليف الحياة.
□ وكان لزاماً على مثلي مثل بقية أبناء جيلي أن أعمل منذ أيام المدرسة لأساعد أسرتي، ولأتمكن من توفير متطلبات المدرسة ومواصلة الدراسة.
□ بدأت حياتي الحمدلله باكراً فعرفت طعم العمل، وطعم الكسب وحلاوة الشقاوة والتعب.
□ بديت أروتي في ساقية جدودي العكاسنجي في مقاصر، وكذلك في ساقية أحمد النور في وادي الأقاليج.
□ أروتي مقابل ان يكون لك حق في رعي غنمك وبهايمك في برود المزرعة.
○ الأروتي بالنوبية هو الصبي الذي يركب في مقعد خلف البقار ويقودها لتدور الساقية.
○ والبرود هو ارض المزرعة بعد الحصاد وفيها ترعى الماشية.
□ وأنا راكب في الساقية رأيت المزارعين يفتلون الحبال لحيواناتهم، فكانت صناعة الحبال من أول ما تعلمته،
نفتل الحبال ونبيعها في سوق السير، حبل الغنم،
حبل البقر، الحبل براه والصريمة براها وعبسيقة الحبل، دي بتكون طويلة بيشتروها أصحاب الجمال.
□ الحبال تصنع من العشميق أو نبات الحلفا
او من أوراق شجر الدوم، وتراوحت الاسعار بين قرشين وخمسة قروش وعشرة قروش.
□ وكانت أغنيتنا المفضلة حينها أغنية عثمان اليمني:
أبوك تعبان
يفتل في الحبال
ما خل شيتآ إسمو عشميق
يرسل ليك عشان تقرأ العلم
وتلحقنا في الضيق
انت أتاريك في بلد الترك
ولدآ مطيليق
□ وبعد كبرنا شوية عرفنا في أشغال فيها مكسب أحسن وسمعنا بحاجة ٱسمها اليومية، تشتغل من الصباح إلي الظهر أو العصر وتاخد قروشك كاش طوالي.
□ اشتغلت مع البنا محمد علي الفقير، بنينا مدارس ومساجد و بيوت.
□ اليومية بداية بخمسين قرش ومشت لحد جنيه.
□ ثم مع المعلم ود فضل
وده كان متخصص لياسة و دكك ومزيرات.
□ ثم مع عبدالله فقرنتود
بنا وعرش وزبالة للبيوت.
□ ثم حاولت ان استقل وبقيت بنا في حاجات صغيرة؛ مزيرة، دكة، زريبة……الخ
□ ودخلت مجال الفحم نقطع قرم حطب، أو نقلع جضول كبيرة. ومشينا الحباس وغابة عبدالرحمن حسين، ندفنها مع البعر وكده فحم،
الشوال ١٠٠ – ١٥٠ قرش.
□ ثم نساجة بيوت، نرص الحطب، المروق
رصاص سنط او طرفة. ونسج بالجريد المكرين.
□ ثم دخلنا الجامعة
وهناك شغلتنا القراية أكتر،
وبعدين في كلية الطب تاني ما ممكن تفكر في ناس الفحم والحاجات ديك.
□ وبعدين أهلنا الخيلان والاعمام والأخوان الكبار قالوا إنت مادام وصلت هنا تاني الباقي علينا.
□ ونفعونا اهلنا المغتربين
وشالونا شيل رغم تقل الحمل عليهم.
□ ومشينا في دروب الحياة بتوفيق من الله،
وبسند كبير من كل من هو حولنا.
□ والحمد لله بعد التخرج
ورغم إن غالبية الزملاء والاصدقاء هاجروا بحثا عن الأحسن والأفضل.
□ لكنني ظللت مرتبطا بذلك الصوت العجيب، القادم من ساقية جدودي العكاسنجي وساقية الأقلوجي.
□ وظلت رائحة ونكهة تراب هذا البلد، عرق الترابلة وفرحهم،
وظلت اصوات وأهازيج رفاقي اصدقاء الطفولة، وألحان طيور المغارب وأمواج النيل، وتراقص جريد النخيل
وفوقها القماري والدباس تقوقي وتغني.
□ وظلت ذكريات الكبار الذين ربونا ورحلوا، بعد ان أرضعونا هذا الود التليد.
□ كل ذلك ظل ممسكا بتلابيبي وتلابيب الكثيرين.
□ ومثلي تماما كان مئات الالاف من ابناء وطني:
○ في الشريط النيلي.
○ وفي الجزيرة الخضراء بترعها و حواشاتها.
○ وفي سهول كردفان الغرة وبواديها.
○ وفي تلال وجبال الشرق
رغم وعورتها وقسوتها.
○ وفي سهول البطانة وبلدات الصعيد.
○ وفي بوادي ووديان دارفور
□ في كل أرجاء هذا الوطن العزيز
تربى الغالبية على هذا الكدح والعمل والكسب الحلال؛ عمال ومزارعين
وصناعية صغار.
□ واغترب أهلنا بمئآت الالاف والملايين
من الشمالية ومن الجزيرة
ومن شرق البلاد وغربها
فاشتغلوا هنالك عمالا و رعاة،
طباخين وصفرجية،
صناعية كادحين،
من أجل اللقمة الحلال لهم ولذويهم،
تعليما للصغار
ورعاية صحية للكبار.
تغربوا بعشرات السنين، وتحملوا كل مرارات الغربة وضنكها وذلتها.
□ تعودوا ان يغيبوا عن صغارهم بالسنين.
□ وان يبتعدوا عن ديارهم وكبارهم رغم الشوق والحنين.
□ من أجل أن يُعلموا أولادهم،
ومن اجل بناء بيت في الحاج يوسف او الكلاكلات او أمبدات.
□ أو من أجل شراء عربة او وابور زراعي او مزرعة صغيرة تكون سندا لهم بعد التقاعد الإجباري او الإختياري من بلاد الإغتراب.
□ فعلوا ذلك كله وأكثر، ولم يخلد في بالهم في يوم من الأيام أن يأتي زمان ويكون شقا عمرهم هذا مغنما للآلاف من لصوص الغرب السوداني والافريقي.
□ مليشيا قبلية مدعومة من دويلة الشر العربية، وحشد من مرتزقة الجوار.
□ ولم يخطر ببالهم البتة ان يكون فعل هؤلاء مسنوداً و مدعوماً من بعض ممن كانوا سادة وحكاماً عليهم في زمن من الأزمان.
□ ولم يخطر ببال أحد ان الطائفية التي ٱمتصت دماء الملايين ووظفتهم سخرة في مشاريعها السياسية والإقتصادية، سوف تأتي مرة أخرى لتكون سببا في سرقة شقا عمرهم وخراب بيوتهم متحالفة مع تتار العصر الحديث.
□ وللغرابة! وبدون حياء بإسم استعادة الديمقراطية والحكم المدني!
□ ولعلها من سنن الله في خلقه أن يمهل الظالمين والمتجبرين حتى يخرجوا كل ما عندهم من سؤء فهم وسؤء تدبير.
□ حتى إذا أخذهم يكون قد فضح كل أمرهم ولات ساعة مندم.
□ ورغم قساوة التجربة
وثمنها العالي فقد أخرجت من شعبنا الكريم أنبل ما عنده.
□ فها هو الآن وقد إمتص الصدمة يمضي في طريق الإنتصارات.
□ وقد عرف صديقه،
كما عرف عدوه؛
في الداخل و في الخارج.
□ وبحمد الله تعالى فقد أوتينا يدين ٱثنتين:
○ يد نزرع بها أرضنا، ونحمي بها نخيلنا وترابنا وأهلنا.
○ ويد أخرى
نحمل بها سلاحنا
كلاشنا ومدفعنا، ندافع عن وطن
عمره أباؤنا وأجدادنا
ونورثه أبناءنا وأحفادنا.
□ وطن نعيش فوقه أعزاء أو
ندفن فيه شهداء.
○ وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم
○ بروفيسور: الطيب عثمان سوركتي
○ استشاري الجراحة
○ العميد المؤسس لكلية الطب جامعة دنقلا
○ ٢٣ أبريل ٢٠٢٤م