بين سنار … وبلاد السودان … وسودان 56
لم تكن هناك على مدى التاريخ دولة إسمها دولة السودان أو سلطنة السودان أو مملكة السودان.
كان مصطلح بلاد السودان يدل على حزام أو نطاق جغرافي يمتد من بحر القلزم شرقا إلى بحر الظلمات غربا وينتهى شمالا بمحازاة أسوان وجنوبا بمحاذاة فازوغلي وكان هذا الحزام يضم عدة ممالك تبدأ بسلطنة سنار ، كردفان ، دارفور ، وداي ، كانم ، باقرمي ، وأخريات حتى مللي وفوتا جالو وأخريات.
السنغال التي كتبنا اليوم عن فوز رئيسها الشاب كان في موقعها ممالك قديمة من ممالك بلاد السودان وفي فترة ما كانت ضمن ما أطلق عليه السودان الفرنسي كما كان السودان المصري البريطاني هنا في وادي النيل.
لفترة محدودة نالت دولتي السنغال ومالي استقلالهما معها تحت اسم السودان لكنهما سرعان ما انفصلا لدولتين مستقلتين وتبنت السنغال اسم نهر السنغال وتبنت مالي إسم مملكة مللي التاريخي قبل وصول الفرنسيين.
ارتاحت السنغال من تبعات اسم السودان الوصفي برغم من أن شعبها أكثر سوادا من شعوب سودان وادي النيل ، واليوم في كل دول غرب أفريقيا من تشاد حتى السنغال فإن المواطن معروف والأجنبي من الدول الجارة معروف وملتزم حدوده ولا يستطيع مواطن غرب أفريقي مثلا أن يقول أنه صاحب حق في السنغال لأنها بلد السود ولكن نفس الغرب أفريقي يرفع عقيرته بكل جرأة في جمهورية سودان وادي النيل بأنه صاحب حق لأن هذا السودان بلد السود ، ياللتناقض !
في وسط السنغال تمتد دولة غامبيا الصغيرة المستطيلة على ضفتي نهر غامبيا لغتها الرسمية الإنجليزية لأن مجرى النهر استعمره البريطانيون فصار دولة مستقلة بإسم مختلف مع أن القبائل في البلدين هي نفسها ولكن إختلاف الإسم ميز حقوق المواطنة ، إلا في دولة السودان النيلي التي تبنت إسما وصفيا جعل حقوق المواطنة فيها سائلة مائعة قابلة للسلبطة والابتزاز.
تشاد التي كانت تابعة للسودان الفرنسي تبنت اسم بحيرة تشاد فاكتسبت مواطنتها اسما متميزا وقبل عام قامت حكومتها بطرد آلاف المعدنين الأجانب من البلدان الأفريقية من مناجم كوري بوغيدي في الشمال ولم يحتج منهم أحد ويقول تشاد بلد السود ونحن سود ، ولو ظلت محتفظة بإسم السودان لأوقعها ذلك في ورطات لا تنتهي.
كان من الممكن أن يتم تبني إسم سلطنة سنار التاريخية فهنا كانت جغرافيتها وكان اسم العاصمة سنار هو نفسه اسم السلطنة التي امتدت زمنيا من 1504م حتى 1821م وجغرافيا من فازوغلي حتى دنقلا وضمت التاكا ونافست دارفور على كردفان.
بالمناسبة فإن سلطنة سنار لم تنته بدخول الجيش الغازي العاصمة سنار في يونيو 1821م ، سلطنة سنار استمرت ولا تزال مستمرة وموجودة حتى اليوم وتلك قصة أخرى.
#كمال_حامد 👓