تحقيقات وتقارير

واشنطن تعرب عن “قلقها العميق” تجاه قانون الأمن القومي الجديد لهونغ كونغ

أعرب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، عن قلق بلاده “العميق” بشأن قانون للأمن القومي اعتمدته السلطات في هونغ كونغ مؤخرا.

وقال بلينكن في بيان: “تعرب الولايات المتحدة عن قلقها العميق إزاء سن سلطات هونغ كونغ لتشريع الأمن القومي بموجب المادة 23 من القانون الأساسي”.

وأضاف “سيكون لهذا القانون آثار واسعة النطاق على سكان هونغ كونغ وكذلك المواطنين والشركات الأميركية العاملة هناك، ويهدد بزيادة تقويض حقوق وحريات الأشخاص في هونغ كونغ. ويتضمن أحكاماً محددة بشكل غامض تتعلق بـ ‘الفتنة’، و’أسرار الدولة’، والتعامل مع الكيانات الأجنبية، والتي يمكن استخدامها لكبح المعارضة”.

وأكد الوزير الأميركي أن بلاده تشارك “المخاوف التي أعربت عنها الدول الأخرى من أن سلطات هونغ كونغ قد تسعى إلى تطبيق التشريع الجديد خارج الحدود الإقليمية في حملتها المستمرة من القمع العابر للحدود الوطنية، وندين الجهود الرامية إلى تخويف ومضايقة والحد من حرية التعبير للمواطنين والمقيمين الأميركيين”.

وشدد على أنه “من الممكن أن يؤدي تنفيذ القانون الجديد وأحكامه الغامضة إلى انتهاك التزام جمهورية الصين الشعبية الدولي بالحفاظ على الدرجة العالية من الحكم الذاتي التي تتمتع بها هونج كونج، وتقويض إطار ‘دولة واحدة ونظامان’، والإضرار بسمعة المدينة كمركز تجاري دولي”.

وأضاف “نحن نقف بثبات في التزامنا بالدفاع عن حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية في جميع أنحاء العالم ونواصل الوقوف إلى جانب شركائنا الدوليين وشعبنا في هونغ كونغ”.

ونددت الصين بالانتقادات الدولية لقانون الأمن القومي الجديد في هونغ كونغ، الأربعاء، بعدما اعتبرت قوى غربية والأمم المتحدة بأنه سيقلّص الحريات بشكل أكبر في المركز المالي هذا.

أقر المجلس التشريعي في هونغ كونغ القانون بالإجماع، الثلاثاء، ليدخل عقوبات جديدة مشددة على خمس فئات من الجرائم تشمل الخيانة وسرقة أسرار الدولة.

وسيُطبّق القانون الجديد الذي صاغته هونغ كونغ ويعرف بـ”المادة 23″ بالتوازي مع نسخة فرضتها بكين العام 2020 أدت إلى إسكات كل المعارضة تقريبا في هونغ كونغ وتم على أساسها توقيف نحو 300 شخص.

سارعت بلدان غربية بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قوة الاستعمار السابقة لانتقاد القانون الجديد. وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كامرون، إن من شأن القانون أن “يلحق المزيد من الأضرار في الحقوق والحريات التي تتمتع بها المدينة” معتبرا أنه “أعد على عجل”.

وردّ الناطق باسم الخارجية الصينية، لين جيان، في مؤتمر صحفي، الأربعاء، قائلا إن “الهجمات وتلطيخ سمعة” قانون هونغ كونغ من قبل حكومات أخرى وجهات خارجية “مصيرها الفشل”.

وأفاد بأن “الأمن من متطلبات التنمية وسيادة القانون هو حجر الأساس للازدهار”.

ونددت المفوضية الصينية للشؤون الخارجية في هونغ كونغ، في وقت سابق الأربعاء، بعقلية “المستعمر” البريطانية واتّهمتها “بازدواجية المعايير”، في إشارة واضحة إلى قوانين لندن المرتبطة بالأمن القومي.

ونددت الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان علنا أيضا بالقانون.

وحذّرت وزيرة الخارجية الأسترالية، بيني وونغ، الأربعاء، نظيرها الصيني، وانغ يي، الذي يزور كانبيرا من أن من شأن القانون أن يؤدي إلى “تآكل الحقوق والحريات بشكل إضافي” وبأن تداعياته قد تتجاوز الصين بشكل كبير.

وفي إطار اتفاق تسليمها من قبل بريطانيا إلى الصين “دولة واحدة بنظامين”، نالت هونغ كونغ ضمانات بالحصول على حريّات معيّنة تشمل الحكم الذاتي القضائي والتشريعي لمدة 50 عاما.

رسّخ الاتفاق وضع المدينة كمركز تجاري عالمي والذي تعزز بفضل حريّات قضائية وسياسية يمكن الوثوق بها تميّزها عن الوضع في بر الصين الرئيسي.

لكن التظاهرات المنادية بالديمقراطية الحاشدة والتي تخللها العنف أحيانا، في عام 2019، ونزل خلالها مئات الآلاف من سكان هونغ كونغ إلى الشوارع للمطالبة بتعزيز الحكم الذاتي بعيدا عن هيمنة بكين، قوبلت برد سريع من السلطات.

ففرضت بكين قانونا للأمن القومي على هونغ كونغ، في عام 2020، ركّز على المعاقبة على أربع جرائم هي الانفصال والتخريب والإرهاب والتعاون مع قوى خارجية.

وكما كانت الحال عندما فرض هذا القانون، قالت سلطات بكين إن النسخة الجديدة التي تدخل حيّز التنفيذ السبت ستؤثر “على عدد ضئيل للغاية من الأشخاص فحسب”.
“قلق بالغ”

وأفاد رئيس السلطة التنفيذية في هونغ كونغ، جون لي، بأن القانون الجديد الذي يعاقب على الخيانة والتمرّد وسرقة أسرار الدولة والتجسس والتخريب والتدخل الخارجي، يعمل بالتوازي لسد أي “ثغرات” في تشريع بكين.

وشددت الحكومة على أن صياغة هذا القانون “مسؤولية دستورية” ومحددة في “المادة 23” من دستور هونغ كونغ المصغّر الذي يحكم المدينة منذ تسليمها.

لكن كامرون لفت إلى أن التشريع يقوض “الإعلان الصيني البريطاني المشترك” العائد إلى العام 1984، وهو اتفاق ملزم دوليا يشكّل أساس مبدأ “بلد واحد بنظامين”.

وقال: “أحضّ سلطات هونغ كونغ على.. التمسك بأعلى درجات الحكم الذاتي وسيادة القانون والتحرّك بما بتوافق مع التزاماتها الدولية والقانونية”.

قوبلت تصريحاته هذه بتنديد من السفارة الصينية لدى المملكة المتحدة التي رأت فيها “تشويها خطرا للحقائق”.

وأفادت السفارة بأن القانون الذي يحمل عقوبات تصل إلى السجن مدى الحياة لجرائم مرتبطة بالخيانة والتمرّد “يضمن بشكل كامل الحقوق والحريات التي يتمتع بها سكان هونغ كونغ”.

وأضافت “نحضّ المملكة المتحدة على وقف اتهاماتها التي لا أساس لها.. والامتناع عن التدخل في شؤون الصين الداخلية بأي ذريعة كانت”.

وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية، فيدانت باتل، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تشعر “بالقلق حيال بنود… نعتبر أنها معرّفة بشكل غامض” الواردة في القانون.

ووصف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك القانون وتبنيه “على عجل” بأنه “خطوة إلى الوراء في حماية حقوق الإنسان”.

ولم ينتقد الاتحاد الأوروبي التأثير المتوقع للقانون على الحريات في المدينة بالمجمل فحسب، بل قال بشكل محدد إنه يمكن أن “يؤثر بشكل كبير على عمل مكتب الاتحاد الأوروبي” والقنصليات الأوروبية ومواطني التكتل في هونغ كونغ.

وأفاد الاتحاد الأوروبي في بيان، الثلاثاء، بأن “ذلك يثير تساؤلات أيضا بشأن جاذبية هونغ كونغ على المدى البعيد كمركز للتجارة الدولية”.

يتفق المدير التنفيذي لمركز جورج تاون للقوانين في آسيا، توماس كيلوغ، مع ذلك قائلا إن القانون الجديد سيؤدي إلى “تآكل إضافي” للعناصر التي جعلت المدينة جذابة بالنسبة للأعمال التجارية الخارجية: سيادة القانون والانفتاح والشفافية”.

وأضاف “يضر هذا القانون بهذه العناصر المميزة لهونغ كونغ بينما لا يقدم أي شيء للتعامل مع المشاكل الفعلية التي تواجهها هونغ كونغ”.

الحرة