رأي ومقالات
اردول: لم يسعوا لتأسيس خطابهم الخاص بل استولوا (وشفشوا) خطابنا
من المركز استولوا على سلاحه ومن الهامش استولوا على خطابه …
هذه الحرب لم تفتك بالشعب وتخرب البنية التحتية والممتلكات فحسب بل امتدّت لتخرب حتى المصطلحات ولغة الخطاب السياسي والأدبيات وكذلك أدوات وطرائق التعبير عنها ايضا، عندما نظّر للحديث عن الهامش والمركز كمنهج لتحليل الأزمة في البلاد كان هنالك خطاب حقيقي ينبع من مجموعة متقدمة في الوعي وملتزمة بالفكر والممارسة، تدافع بوقائع حقيقية ومتفوقة اخلاقياً على خصمها الذي كان محاصر في زاوية الدفاع والتبرير او الممانعة والنكران، وعندما كان يتم النقد لدولة (56) كانت هنالك حيثيات مبوبة بشكل ممنهج واضحة ومحترمة تبدأ بالقضايا السياسية ومن ثم الاقتصادية ويشمل حتى الثقافية والفكرية، ويبين الفوارق التي اصابها، وفوق ذلك كان الحوار نخبوي ومحصور في دواوين وصوالين معروفة ومنتديات محضورة، ويستلف العامة منطقه وسردياته.
الطرف المناضل كان يحرص على سلامة وسلميّة التعبير عن مطالبه وحتى من انتهى إلى التعبير المسلح سعى كثيرا ليعزز الجانب الأخلاقي المتفوق والمترفع في الحرب، يحارب الانتهاكات مثلما يحارب خصومه ويبعد بقدر الإمكان عن اللغة المنحطة الفارغة المحتوى والتي تعمم الضحايا وتنشر روح الإجرام والانتقام، وظل خطاب التحشيد عند الدولة يخّوف بها المواطن حينها بان القصد ليس النظام وانما المجتمع وان هنالك عداءات جهوية وروح انتقام إثنية واستهداف للدين والعرض وهكذا، وكان النفي لغة وممارسة في ارض الواقع ممن قادوا النضال المسلح وقتها.
ولكن الان ما الذي حدث ؟ جاء حراس المركز سعياً للاستيلاء عليه، وتسلحوا منه، ولكنهم وجدوا إن هذا يحتاج لخطاب ! فلم يسعوا لتأسيس خطابهم الخاص بل استولوا (وشفشوا) خطابنا مثلما استولوا على ممتلكاتنا، وهو نفس ما ظلوا يقاتلوا ضده طول عمرهم وبنوا مجدهم عليه، الان نحتاج لاستعادة خطابنا ضمن تسوية جديدة وليبحثوا عن تنظير جديد لمايقومون به، فهولاء استولوا على سلاح المركز ملثما استولوا على خطاب الهامش، فقاتلوا المركز بسلاحه ويقاتلوا في الهامش بخطابه.
مبارك اردول