مكي المغربي: أمريكا لا تفاوضك على مصالحها بل على “نقاط قوتك”
من أساطير السياسة في العالم الثالث أن الأمريكان يبدئون بمفاوضة الحكومة الموجودة على مصالحهم الاقتصادية، فإذا وجدوها “انتهت القصة” .. غير صحيح طبعا .. لا توجد حكومة ترفض شركات أمريكية ولا حتى إيران.
أمريكا لا تفاوضك على مصالحها بل على “نقاط قوتك” لتضمن تنازلك عنها الواحدة تلو الاخرى ولتأخذ بعد ذلك مصالحها دون تفاوض، أو بتفاوض شكلي (يكون الوفد الوطني مجرد إمتداد للوفد الامريكي، يحمل الجنسية أو في الطريق)، وهو أسلوب ذكي وقليل التكلفة ومضمون إستراتيجيا.
ومن أهم نقاط القوة التي تمرست امريكا في ضربها هي إصابة القيادة بالشلل في الخيارات مقابل وعود كبيرة في بداية الأمر .. ثم تتقزم الوعود المذهلة الى الاعفاء من العقوبات أوضمان عدم ورود الاسم فيها، ثم تنتهي بالمخرج الآمن والإشراك في سيناريو التنحي واختيار البديل.
الشلل يشمل .. تضييق الخيارات الداخلية في فصائل أو شخصيات محددة .. وتتعدد الاساليب والخلاصة هي الضعف التنفيذي والسياسي، وإبعاد الكفاءات، ليسهل الابتزاز بالأزمات الاقتصادية .. مباشرة أو عبر الوكلاء.
هل الخروج من هذه الحلقة ممكن؟ طبعا ممكن، وهنالك دول خرجت منها وتفاهمت معها أمريكا وقبلت حالة من “الندية النسبية”، وهنالك دول قيدت أمريكا قيادتها بحبال من “ريش الدجاج” وقبعت في القبو .. مع أن تحررها في مجرد حركة اليد.
من يحكم أي بلد عليه أن يعرف نقاط قوته جيدا .. وأن يزيحها من طاولة التفاوض تماما .. بعدها ستظهر المصالح، لكن طالما هي على الطاولة … سيتم النقاش حولها وليس المصالح.
الذي يضحكني ويبكيني في هذا الملف هو قدرة الغربيين عموما في إقناع الحكومات في العالم الثالث بأن “نقطة القوة” هي “نقطة ضعف” وأنهم يساعدونهم على إزالتها، ويجب عليهم سداد فواتير جهودهم الدولية.
مكي المغربي