تحقيقات وتقاريرمدارات

تشكيلات عسكرية وشعبية تقاتل مع الجيش السوداني ضد الدعم السريع.. غاضبون بلا حدود والبراء بن مالك أبرزها

فتحت الحرب الشرسة الدائرة في السودان منذ أبريل/نيسان الماضي الباب أمام تشكيلات عسكرية منظمة وأخرى شعبية طوعية انخرطت في القتال بجانب الجيش في مواجهة قوات الدعم السريع، لإجبارها على التراجع عن مواقع سيطرتها بالخرطوم ودارفور والجزيرة وكردفان.

وفي حوار مع الجزيرة نت، تحدث ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش عن لقاءات جمعته مع بعض المجموعات التي تشكلت ضمن ما يسمى “المقاومة الشعبية” لهزيمة الدعم السريع، وذكر من هذه المجموعات “كتيبة البراء” و”غاضبون” كما أشار إلى تكوين اللجنة العليا للمقاومة الشعبية بولاية الخرطوم.

وفي عديد الولايات التي لم تمتد إليها أصابع الحرب، بات مألوفا مشهد مئات المتطوعين والمستنفرين يؤدون تدريبات عسكرية للالتحاق بالمقاومة الشعبية، ومواجهة أي تحرك محتمل لقوات الدعم السريع.

وإلى جانب التدريب على استخدام السلاح، أجرت بعض المجموعات الطوعية مناورات مشتركة مع الجيش في مناطق سيطرته، ونفذت بعضها في مدن شندي على حدود ولاية نهر النيل مع الخرطوم، ودنقلا بالولاية الشمالية، وحلفا الجديدة شرق البلاد، وفق مشاركين بالمناورات من المقاومة الشعبية تحدثوا للجزيرة نت.
كتائب جديدة

ومن “المقاومة الشعبية” خرجت فرق خاصة بينها “استخبارات المقاومة في أم درمان القديمة” وهي المدينة التي تمثل جزءا مهما من العاصمة، ويتقاسم السيطرة عليها الجيش والدعم السريع.

وتضم المجموعة -وفق إفادة حصلت عليها الجزيرة نت من أحد عناصرها يدعى أحمد، طالبا الإشارة إلى اسمه الأول فقط- كوادر منتقاة للقيام بجمع المعلومات حول أماكن وجود “الدعم السريع” ورصد تحركاته ومعاونة الأجهزة العسكرية في تصويب الضربات الجوية والمدفعية لمراكزها.

وبجانب ذلك ظهرت كتائب ومجموعات أخرى جرى تدريبها وإلحاقها بالجيش في مناطق متفرقة من العاصمة، بينما تعمل مجموعة كبيرة من الإسلاميين الموالين للنظام السابق ضمن كتيبة “البراء بن مالك”.

ولا يحبذ العطا التصنيفات التي تشير إلى ولاء هذه المجموعة أو تلك لتيار بعينه، ويقول إنها “عند الجيش مثل غيرها من المواطنين الذين يدافعون عن وطنهم في مواجهة مليشيات عابرة للحدود”.

وكشف أنه التقى شباب الإسلاميين ومجموعات من كيان “غاضبون” وأبلغهم أنهم كدولة وجيش لا يعرفون كتيبة “البراء” أو “غاضبون” بل يعرفونهم مواطنين يدافعون عن بلادهم وعرضهم تحت قيادة الجيش.
البراء بن مالك

وعقب أسابيع من انطلاق الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع ، أُعْلِن عن تحويل كتيبة البراء بن مالك إلى لواء إثر انضمام أعداد كبيرة من المقاتلين إلى الجيش في سلاح المدرعات جنوب الخرطوم أحد أبرز مقرات الجيش التي يتم منها التخطيط لقتال الدعم السريع.

وانضوى تحت لواء هذه المجموعة المئات من مقاتلي الدفاع الشعبي (سابقا)، وهو التشكيل العسكري الشعبي الذي كان ناشطا خلال حكم الرئيس المعزول عمر البشير، وبرز دوره بشكل كبير خلال الحرب ضد متمردي الجيش الشعبي في جنوب السودان.

وبعد ساعات من بدء الحرب، ظهر المصباح أبو زيد قائد لواء البراء وهو أحد الشباب المعروفين بالانتماء للحركة الإسلامية السودانية من داخل سلاح المدرعات، كما بدأت تظهر مقاطع فيديو للمعارك تنتجها الكتيبة، وتبثها على منصات وسائل التواصل مصحوبة بالأهازيج والأناشيد الإسلامية المعروفة.

وتتبع البراء بن مالك للحركة الإسلامية السودانية بحسب المحلل السياسي محمد إدريس الذي يعتقد -في حديث للجزيرة نت- أن مقومات وعناصر تلك الكتيبة تؤكد بصفة جازمة أنها إحدى كتائب الظل التي تحدث عنها علي عثمان محمد طه نائب الرئيس عمرالبشير عام 2018.

وتتمتع هذه الكتيبة بحصة عريضة من مختلف الأسلحة وعناصر مجهزة للقتال في مختلف الظروف حسبما يقول إدريس، كما يتردد أن “بعض عناصرها يتولون توجيه الطيران المسير”.

وتقاتل بجانب الجيش السوداني كتيبة “البنيان المرصوص” وهي من أكبر الكتائب السابقة في قوات الدفاع الشعبي التي جرى حلها عام 2020، وتضم عناصر من جهاز الأمن والمخابرات الوطني السابقين ممن تركوا العمل بعد الإطاحة بنظام البشير عام 2019.

ويقول مصدر بالدفاع الشعبي للجزيرة نت إن “تلك الكتيبة خضعت لتدريبات متقدمة على مختلف الأسلحة، ويوجَد أفرادها حاليا بجانب قوات الجيش في عدة مواقع بمدن العاصمة الثلاث”.

وضمن المشاركين من المجموعات الإسلامية التابعة للنظام السابق مع الجيش -في حديث المصدر السابق بالدفاع الشعبي- مجموعة “الأمن الشعبي” التي كانت تتولى خلال حكم البشير مهام أمنية عالية السرية.

غاضبون بلا حدود

والتحق بقوات الجيش كذلك عناصر من كيان “غاضبون بلا حدود” وهي من المجموعات الشبابية تتراوح أعمارهم بين 17و24 سنة، وبرزت بشكل قوي خلال الاحتجاجات الشعبية ضد نظام البشير، وعرفت بتصديها لقوات الأمن والشرطة في خطوط التظاهر الأمامية، واستمرت بعد ذلك في المقاومة ضد المجلس العسكري الانتقالي السابق، وكذلك بعد قرارات قائد الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021.

وانضم عدد من كوادر “غاضبون” إلى معسكرات الاستنفار، والتحقوا بالتدريب بوحدات الجيش خاصة سلاح المدرعات، ويوجَد آخرون في سلاح المهندسين بأم درمان ومعسكر القوات الجوية.
كتائب حديثة

وكشفت متابعات الجزيرة نت عن تجهيزات لإعلان كتيبة باسم ‘المطمورة” بولاية القضارف شرقي البلاد، بجانب مجموعات أخرى في محليات أخرى بالولاية تم تدريبها وتسليحها بأسلحة خفيفة.

وتبين شهادات جمعتها الجزيرة نت تحضير مجموعات أخرى في محليات ربك والسلام بولاية النيل الأبيض جنوبا، ومعسكر المستنفرين للمقاومة الشعبية في كسلا وأروما وحلفا الجديدة شرقي السودان.

وتتم هذه الاستعدادات بإشراف مباشر من السلطات الحكومية المحلية، والتنسيق مع القيادة العسكرية في المنطقة.

وفي شمال البلاد، تشهد مدن عدة تشكيلات للمقاومة الشعبية، إضافة إلى مجموعات منتشرة في معسكر أبو شريف بمدينة كوستي بولاية النيل الأبيض، وشندي بولاية نهر النيل، وأخرى في ولايتي شمال كردفان وسنار، علاوة على مدن في ولاية غرب كردفان بدأت جميعها نشاطها العسكري والتدريبي.

وأعلنت حكومة ولاية الخرطوم، نهاية الأسبوع الماضي، بداية نشاط اللجنة العليا للمقاومة الشعبية بالولاية، وفتح باب الانضمام والتسليح في المناطق التي يسيطر عليها الجيش.

ويقول ضابط بالجيش -طلب حجب اسمه ورتبته- إن “مجموعات المقاومة الشعبية لا تخوض أعمالا قتالية، أو تشارك في المعارك لعدم تلقيها التدريب العسكري بصورة مكتملة، لكنها تتولى تأمين بعض الأحياء والمواقع، وتسيير دوريات للحماية ضد اللصوص ورصد التحركات المريبة”.

وبعكس ذلك، يؤكد أحد المستنفرين ضمن المقاومة الشعبية الموجود حاليا في أحد معسكرات الجيش بالخرطوم -للجزيرة نت- مشاركته ضمن الجنود في عمليات قتالية وتمشيط واسع.

ويصف الضابط السابق بالقوات المسلحة فتحي أحمد، في حديث للجزيرة نت، تجربة المقاومة الشعبية الحالية بالفاشلة لاستنادها لأسس عرقية وجهوية، ولفت إلى ضعف تدريب وتجهيز وتسليح الأشخاص المقصودين للعمل ضمن المقاومة الشعبية، ووضع خطط غير فعالة للاستفادة منهم في معركة يراها غير متكافئة مع جنود مدربين على مستوى عال ومجهزين بالأسلحة الثقيلة والحديثة.

سلاح المقاومة

ويرأس كل وال في مناطق سيطرة الجيش اللجنة العليا للمقاومة الشعبية، بجانب لجنة في كل حي يرأسها شخص تقع على عاتقه مهمة حصر الراغبين وتقديم القائمة للجنة التي ترفعها للقيادة العسكرية بالمحلية أو الولاية، وذلك للالتحاق بمعسكر التجنيد أو التسليح بعد إحضار ما يثبت تدرب المستنفر وتأهيله على استخدام السلاح.

ويشرف مسؤول الحي، طبقا لمتابعة الجزيرة نت وإفادة أحد المستنفرين في مدينة أم درمان، على توزيع السلاح والذخائر بالتنسيق مع عناصر الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش.

ويُمْنَح المستنفر قطعة سلاح واحدة عبارة عن بندقية كلاشينكوف و3 أمشاط إضافية مليئة بالذخيرة مسجلة برقم متسلسل بعد تعبئة استمارة تحوي بياناته الشخصية. وأكد المستنفر أنه لم يتم توزيع أي أسلحة ثقيلة أو رشاشات أو مدافع وأسلحة إطلاق صواريخ كما يشاع.

الجزيرة نت