مسابقة جمال البقر
يقال إن أول مسابقة لملكات جمال العالم أقيمت في مطلع ستينيات القرن الماضي في العاصمة البريطانية لندن، ومع انتشار تلك المسابقة عالميًا بدأ التفكير في إقامة مسابقات لجمال الحيوانات كالخيول والكلاب والطيور وغيرها، ويبدو أن العدوى تسللت تدريجيًا إلى منطقتنا العربية، ولكن وبسبب التيار المحافظ اقتصرت مسابقات الجمال في منطقتنا العربية على الحيوانات دون البشر، لدرجة أن بعض الحيوانات المعدة للمسابقات تجد من الرعاية والعناية ولذيذ العيش ما لا يتوفر لشريحة واسعة من ذوي الدخل المحدود فضلًا عمن هم تحت خط الفقر في عالمنا العربي.
إحدى تلك المسابقات كانت مسابقة أجمل بقرة، وهي مسابقة يخصص ريعها لتكريس السلام بين شعوب المنطقة، لكنها مسابقة مكلفة لا يستطيع خوض غمارها إلا من يمتلك المال والإمكانيات ويجد البقرة المناسبة، فالبقرة الجميلة نادرة كما هو معروف، وإذا ما وجدت فسعرها مرتفعٌ جدًا، وهي بالتالي بحاجة إلى عنايةٍ فائقة وتأهيلٍ وإعداد، وكل ذلك يكلف الكثير من المال أيضًا.
تقول الحكاية إن مجموعة من الأصدقاء العرب قرروا الاشتراك في شراء بقرة وتأهيلها لعلها تفوز فتجلب لهم الخير الوفير، ورغم نصيحة أهل الاختصاص لهم بعدم المجازفة في تلك المسابقة الباهظة الثمن، التي قد تستنزف كل مدخراتهم، إلا أنهم كانوا مصرين وبطريقة مريبة على شراء البقرة وخوض غمار التجربة، وكأنهم يريدون تبييض الأموال التي بحوزتهم.
وبالفعل ذهبوا إلى مسؤول اللجنة المنظمة لمعرفة المواصفات المطلوبة للبقرة كي تتأهل للمسابقة، فأخبرهم بأنها موجودة في كتاب الله، ولسبب ما، لم يتمكنوا من الوصول إلى شيء، فقرروا أن يسألوا أحد رجال الدين عن مواصفات بقرة ورد ذكرها في القرآن الكريم، فتلا عليهم الرجل قوله تعالى « إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَٰلِكَ «، فقالوا له ما لونها؟ فتلا قول الحق « إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ»، قالوا وماذا بعد؟ قال يقول سبحانه وتعالى « إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا»، قالوا هكذا أصبح الأمر واضحا، فانطلقوا يبحثون عن بقرة بتلك المواصفات.
وبعد البحث والتقصي تم شراء البقرة وكانت تبدو ملامحها واعدة بالحصول على موقع متقدم في المسابقة وتحقيق الحلم، وأطلقوا عليها اسم «بقرة السلام» تيمنًا بأهداف المسابقة، وأصبحوا يرون في تلك البقرة مستقبلهم الواعد بالخير والازدهار، وبدأوا يتناوبون على تربيتها والعناية بها والتودد إليها حتى حان موعد المسابقة.
وفي اليوم المعهود خرج الاخوة في موكب مهيب يقودون البقرة إلى حلبة المسابقة، كان البعض منهم يمسك بخطامها والبعض الآخر يمشي بجانبها أو خلفها، وكان الناس ينظرون إليهم من شرفات المنازل وهم يطوفون خلال الأزقة والطرقات ويستمعون لهتافات وأهازيج الجمهور، وفجأة… وبدون مقدمات هاجت البقرة فتحررت من أيديهم وأخذت تجري بين الأزقة الضيقة وهم يحاولون جهدهم أن يمسكوا بخطامها دون جدوى، واستمرت المطاردة لبعض الوقت حتى انتهت بنهاية مأساوية، فقد تعرض أصحابها وبعض المشاركين في المسابقة من الجمهور لنطحات وركلات مؤلمة أدت لكسور وإصابات متفاوتة بينهم قبل أن تضع إحدى الشاحنات على الطريق السريع حدًا للفوضى التي تسببت بها البقرة المجنونة، فلا سلموا ولا سلمت البقرة… فاعتبروا يا أولي الأبصار.
المهندس إبراهيم بن هاشم السادة – الشرق القطرية