المساواة من النهر إلى البحر!
رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو لا يكف عن رفض “حل الدولتين” الإسرائيلية والفلسطينية كوسيلة للخروج من الأزمة الحالية، وتسوية الصراع العربى الإسرائيلي. الحل من وجهة نظره للمستقبل المنظور، أن تظل إسرائيل مسيطرة على الأرض وسكانها ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط؛ وفيما يخص الفلسطينيين فيها فإن إسرائيل سوف تتولى نزع الكراهية من قلوبهم عندما تراجع الكتب المدرسية وترفع منها ما يخص سلبا إسرائيل والإسرائيليين. الواقع أن هذا الحل هو السائد منذ وقت طويل بين النهر والبحر، ولم يمنع لا انتفاضة، ولا مواجهات، ولا ما حدث فى ٧ أكتوبر وانتهى إلى المشهد البائس الحالي. إسرائيل ظلت تهيمن على هذه الرقعة من الأرض، وحتى بعد انسحابها من غزة فإنها ظلت مهيمنة عليها ومسيطرة برا وبحرا وجوا، وفى كل هذه المساحة من الأرض والبشر كانت العملة الإسرائيلية “الشيكل” هى السائدة فى الإنفاق والتبادل التجاري؛ وكذلك الكهرباء والمياه العذبة، وعمليات التصدير والاستيراد، وحركة الأموال التى تأتى من الخارج أو تذهب إليه، والعمالة التى تتحرك فيه من الضفة والقطاع.
الواقع أن هناك دولة واحدة على الأرض، ولكنها دولة ظالمة تقوم على التمييز بين قوميتين: فلسطينية ويهودية. فهل يريد نيتانياهو استمرار هذا الوضع، أم أن لديه شجاعة تقديم “المساواة” فى الحقوق والواجبات التى يقتضيها مواطنون فى دولة واحدة؟ الحقيقة هى أن معاملة إسرائيل للفلسطينيين المقيمين فى إسرائيل بالفعل لا تقوم على المساواة؛ وقانون “يهودية” الدولة ما هو إلا تمييز لم يكن مطروحا فى أى وثيقة عند إقامة الدولة. الفلسطينيون الإسرائيليون المسمون “عرب” إسرائيل على غير رغبة منهم ليس لديهم ذات الحقوق فى الملكية والمناصب العامة والإجراءات القانونية التى تتخذ ساعة المخالفة. دفع إسرائيل بأن ذلك راجع لعدم دخولهم الجيش الإسرائيلى، فإن الفلسطينيين من “الدروز” يدخلون الجيش دون الحصول على ذات الحقوق، كما أن اليهود الذين لا يدخلون الجيش من “الحريديم” يحصلون على جميع الحقوق وفوقها امتيازات إضافية.
د. عبدالمنعم سعيد – بوابة الأهرام