هل يبيع ماسك «إكس»؟
بعد شرائه منصة التواصل الاجتماعي «تويتر» مقابل 44 مليار دولار العام الماضي، دخل الملياردير إيلون ماسك مقر الشركة في سان فرانسيسكو، حاملاً حوض مطبخ، وغرد بعدها قائلاً: «دعْ هذا يغرق».
الآن، يواجه ماسك واقعاً صعباً خاصاً به، متمثلاً بانخفاض حاد في قيمة المنصة التي حول اسمها ل «إكس»، مع إجمالي خسائر تجاوز عشرات المليارات من الدولارات.
وكشف موقع «أكسيوز» مؤخراً أن صندوق الاستثمار المشترك «فديلتي» قدّر قيمة الشركة اليوم بأقل من ثلث قيمتها وقت الاستحواذ. مما يضيف المزيد من علامات الاستفهام إلى السؤال العالق بأذهان بعض المراقبين: «هل سيبيع ماسك إكس، وما الدافع الأساسي لذلك؟»
قال خبراء لموقع «إيه بي سي نيوز»، إن مقاطعة المعلنين المستمرة للمنصة، والمدفوعات المتراكمة على ديون الشركة تشكلان تحديات كبيرة أمام المالك الجديد، مما يجعل عملية البيع جذابة أكثر بالنسبة له. إلا أنه من غير المرجح أن يتخذ ماسك هذه الخطوة؛ لأن الحوافز الاقتصادية تبدو «ثانوية» في نهجه تجاه الشركة، مثلما يقول دوماً. لكن في المقابل، يمكن تفسير ذلك على أنه اعتراف ضمني بالهزيمة، فهذه الخسائر قد أضعفت موقفه أكثر، خصوصاً إذا ما عمد إلى بيع أصوله المتعثرة.
وقال إريك تالي، أستاذ القانون في جامعة كولومبيا الذي يركز على عمليات الاندماج والاستحواذ: «لن يكون الأمر جيداً أبداً إذا كنت تحاول بيع مكعب ثلج ذائب لسوق الجليد».
قبل الاستحواذ، شكلت واردات الإعلان الأغلبية العظمى من دخل «تويتر»، حسبما أظهرت تقارير الأرباح العام الماضي. لكن منذ ذلك الوقت، انخفض دخل الإعلانات بنحو 50%، حسبما نشر ماسك نفسه على المنصة في يوليو/تموز الفائت.
قبل فترة وجيزة، أوقفت عدد من الشركات إعلاناتها مؤقتاً على «إكس» بعد تحقيق أجرته منظمة «ميديا ماترز فور أمريكا» يؤكد قيام المنصة بوضع علامة على الإعلانات التي تظهر بجوار المنشورات المؤيدة للنازية. وشمل النزوح شركات «كومكاست»، و«آي بي إم»، و«وارنر براذرز ديسكفري»، و«ديزني»، الشركة الأم لقناة «إيه بي سي نيوز». ورفضت «إكس» ما جاء في التقرير بشدة، وشككت في أساليب البحث الخاصة به، ورفعت دعوى قضائية ضد المنظمة.
وفي نوفمبر/تشرن الثاني الماضي، دان ماسك المعلنين الذين انسحبوا من المنصة، وشن عليهم هجوماً لاذعاً، وفي معرض حديثه خلال حضور مؤتمر في نيويورك قال: «لا أريدهم أن يعلنوا… إذا كان هناك من يريد أن يبتزني بأموال الإعلان، فليذهب إلى الجحيم».
لطالما وصف ماسك، الذي يرى نفسه مؤيداً لحرية التعبير المطلقة، الاستحواذ على «تويتر»، أو «إكس» حالياً، على أنه محاولة لإنشاء ساحة رقمية حرة للتعبير. كما أنه يحمل رؤية طموحة بعيدة المدى للشركة، بألّا تكون منصة للمراسلة ومشاركة الوسائط فقط، بل «تطبيقاً لكل شيء»، وأداة متعددة الاستخدامات يدفع من خلالها المستخدمون للأصدقاء، ويشترون المنتجات، ويحجزون الكتب، وما إلى ذلك.
وقالت آن ليبتون، الأستاذة في جامعة تولين والمتخصصة بقانون الشركات: «من الصعب جداً تحديد ما إذا كان ماسك يرغب بالتخلي عن «إكس»، فهو ينظر إلى عملية البيع بسعر مخفض على أنها اعتراف ضمني بالفشل»، أما بول باريت، الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة نيويورك ونائب مدير مركز ستيرن للأعمال وحقوق الإنسان بجامعة نيويورك، فقد عبّر عن الأمر بطريقة مختلفة بالقول: «إن بيع منصة «إكس» بقيمتها الحالية المنخفضة للغاية من شأنه أن يشكل ضربة هائلة لقطب التكنولوجيا المغرور جداً».
مع ذلك، وبحسب فريق آخر من المحللين، فإن ماسك سيمضي قدماً في عملية بيع جزئي في أقرب وقت هذا العام؛ لأنه يحتاج إلى جمع الأموال لتوسيع قدرات الشركة. ويرى دان آيفز، المدير الإداري لأبحاث الأسهم في شركة الاستثمار «ويدبوش» أن مالك «تيسلا» و«سبيس إكس» سيضطر للقيام بذلك سريعاً لتخفيف الألم، وجمع أكبر قدر من رأس المال الخارجي.
يُذكر أنه لشراء «تويتر»، استدان ماسك حوالي 12.5 مليار دولار من كبار المقرضين أمثال «مورغان ستانلي»، و«بنك أوف أمريكا»، و«باركليز»، ودفع حتى الآن مئات الملايين من الدولارات على هذا الدين، لتأتي خسائر الإيرادات وتفرض عليه ضغوطاً لإعادة التفاوض على شروط القروض. وفي حال استمرار عبء الديون وانخفاض الإيرادات بشكل أكبر، سيزداد موقف ماسك صعوبة، فهذا هو الوقت الذي يشعر فيه الناس عادة بالقلق والاضطراب.
وخلال حديثه في مؤتمر نوفمبر/تشرين الثاني، أقر ماسك بالمخاطر الوجودية التي تعترض الشركة بالفعل، وبأنه على استعداده لتحملها. لكنه ألمح في المقابل بأنه: «إذا فشلت الشركة، فسيكون ذلك بسبب مقاطعة المعلنين، وهو أمرٌ موثق بقدر كبير من التفصيل، والعالم كله سيعرف ذلك».
ماكس زان – مراسل الأعمال والتكنولوجيا في «إيه بي سي نيوز»