د.عنتر حسن الشريف: إغراء الإعلاميين
في الحروب والأزمات يلعب الإعلاميون دورا بارزا في إدارة دفتها وتحقيق الانتصار لصالحها، وقد يكون سلاح الإعلامي اقوى نجاعة من سلاح الجندي في ارض المعركة، لأن القتل والسحق للعدو قد لا يحقق نصرا حاسما، بينما نجد أن سلاح الإعلامي من الاخبار والشائعات قد يزرع احباطا وهزيمة نفسية للجنود وللشعوب سرعان ما يحقق الانتصار ويستسلمون للعدو، والشخص سواء كان إعلاميا أو عسكريا فهو في النهاية انسان، وكما يمكن اغراء الجندي لخيانة بلده، فيمكن أيضا اغراء الصحفي لخيانة مبدأه، وكما أن هنالك جنود وطنيين مخلصين لاوطانهم فهنالك صحفيون وطنيون مخلصون حتى الثمالة. و الجندي الخائن احيانا قد لا يبان خيانته، أما الإعلامي الخائن فيفضح أمره من كتاباته سريعا. استطاعت القوة الإعلامية للجنجويد – ولامتلاكهم المال سلب نهب بيوت وخيرات ذهب السودان – اغراء كثير من الإعلاميين بالمال والمنازل والشقق والعربات وجعلهم ينقلبون لصفهم بطريقة تراجيدية درامية غريبة، فقد عرفوا هم والدول المتآمرة معهم قوة دور الإعلام في كسب الجولة، وتفوقوا على الجيش في هذا الامر، لذلك حرصوا على اغراء الإعلاميين أكثر من اغرائهم للجنود، فتجد من الإعلاميين من كان يدافع عن حزبه ويحلف لهم أمام العالم بأنه (كوز) رغم انف الجميع، وآخر يهز المنابر دفاعا عن حزبه حزب المؤتمر الوطني، ثم ينقلب فجأة ويرمي جام غضبه ولعناته على حزبه، وقياداتهم. ورأينا أيضا إعلاميين صدعوا رؤوسنا بحديثم عن عنصرية ومهازل وتجاوزات (ال دقلوا)، ولم يملوا يوما من الايام في نقدهم وسرد فضائحهم وتعريتهم، وبين ليلة وضحاها ينقلبون فجأة للتصدي في الدفاع عنهم وموالاتهم ووصفهم لمن دفعوا لهم بصفات عكس ما كانوا يصفونه في السابق تماما .. هؤلاء الإعلاميين كسبوا الأموال والذهب الزائلة، ولكنهم سقطوا في اعين شعوبهم، فالإنسان مقامه ومكانته بين الناس ليس بالمال فقط، ولكن أن تكون صاحب مبدأ حق، واشتهرت بهذا المبدأ وتمسكت به حتى النهاية مهما كانت المهددات والتحديات أو المغريات، وهذا هو من يصنع منك انسانا عظيما في أعين الناس ويخلدك التاريخ.
د.عنتر حسن الشريف