ورحل (شيخ المصححين اخوي الحاج اب احمد) !!
ورحل (شيخ المصححين اخوي الحاج اب احمد) !!
ما اقسى ان يرحل عن دنيانا من هم بقامة ونكهة وذكريات وابتسامة وصدق الاستاذ الحاج عبدالوهاب ( اخونا الكبير) فى عائلة مؤسسة (الراي العام) الحبيبة .
على صدق ضحكته الوثيرة كانت تزهر ( الونسة ) وتستريح الحكاوى الطاعمة ، ولكم تقافزت الخطاوي تسرح وتمرح تحت ظلال روحه السمحه فى الحضور والغياب ، وعند رجاحة عقله التى تنهض عادة وقت اللزوم وحين باسنا وياسنا كنا نتحلق حول حكمته التى لاتخيب، فالرجل وبدربته التى ورثها من مشوار التربية والتعليم (يعرف متين يبقى المطر ويفهم متين يصبح حريق)..
الحاج عبدالوهاب فجعني رحيله اليوم فى زمن الجراح والاحزان التى تابى ان ترحم فقد تكسرت على افئدتنا النازفة ( النصال على النصال) ، ولم يعد فينا موضع الى وانشب الحزن فيه جرحا لايبرأ، ولكنها مشيئة الله نتلقها بكل صبر وجلد استعصى علي فى ( حالة الحاج)، السنجك، الودود ، الفارس اخو الاخوان الصنديد الهمام صاحب الراي الكبير وسيد صوت الجهير فى قول الحق ولو على نفسه.
نادرون من يمنحونك القدرة ان (تضحك من جوة القلب) حين تلتقيه وتسبقه اليك ( ابتسامة) وملامح ناطقة بكل لغات المودة ( الفي الدنيا)، كنا نضحك فى نكتة ( خجيجي)، وقصص نملك شفرة اجترارها دون ان نحكيها، ربما كان ابطالها (من البلد نوري) التى سكنت مجاري الدم فى الحاج، او من زملاء الراي العام الذين يتحولون عنده الى مدخلات لصناعة الفرح وتوزيعه على الزمان والمكان، ( بخاري بشير، على قمش، فيصل الشايقي، وشقيقه عبيد ابوشنب، كمال الشايقي، بنهوري ولا اعرف لماذا يحول الحاج السين الى باء، قرماشة الاسم الكودي لضياء الدين بلال، ادريس حسن و( يا محمد يابني)، بصوته الصارم، الراحل عبدالمجيد عبدالرازق، عوض جاد السيد، و(كيمو) كمال حسن بخيت، خالدة ابراهيم ومريم ابشر كان يطلق عليهما ( فخفخينا)، ومحمد لطيف، ( وردة)، والحبرية ( اميرة الحبر) وايما ( ايمان ادم)، وبدوينا ( البدوي يوسف) .. وهادية واحسان و ( مجود) ماجدة حسن، وعدد كبير من الزملاء والزميلات ..لكل منهم مع الحاج حكاية، قصة ورواية..
عادة ما يستاثر الصحفيون والكتاب بالاضواء ويخطفون بريق المجد والشهرة ، جنود مجهولون يختبئون خلف صناعة الاقلام الكبيرة والصحف العظيمة لايعلمهم القراء يمنحون الحرف صحته واللغة عافيتها والتعبير استقامته ، كثيرون منهم يستحقون التقدير و التكريم والوفاء ولكن يظل ابرزهم في نظري من جند الله المجهولين في صحافة السودان (شيخ المصححين) المربي ومعلم الاجيال واستاذ الصحفيين ( اخونا الكبير) الحاج محمد عبدالوهاب رئيس قسم التصحيح في مدرسة (الراي العام ) بريادتها ووقارها لاكثر من عشرين عاما.
شخصيا كنت القبه ب( ميزان المويه) الذي اقيس عليه ( ميل واستقامة المواد) فقد كانت رؤيته لمعايير النشر تتوافق مع روح الجريدة وخطها التحريري بحساسية لا تخطئ التقدير، اذ كان ينبهني كثيرا وبطريقته الودودة ( المادة دي ما بتشبه الراي العام) .
من تحت قلم الحاج الاحمر مرت مقالات هزت الدنيا وعبات وجدان البلد واعادت هندسة الساحة الوطنية ، كتبها ( ادريس حسن ، الفاتح التيجاني عبدالله عبيد ، كمال حنفي، كمال حسن بخيت، محمد لطيف ، عثمان ميرغني ، الدكتورة بخيتة امين، عبداللطيف البوني ، محجوب عروة، وجدي الكردي ، ضياء الدين بلال ، البدوي يوسف ، محمد عبدالقادر ، عيسى الحلو، زهير السراج، اسماعيل ادم ، فتح الرحمن شبارقة ،سنهوري عيسي، سمية سيد ، سهير عبدالرحيم ، عبدالمجيد عبدالرازق ) وغيرهم كثر من كتاب وصحافيي (الراي العام) .
فى اخر مرة زرناه غمرنا الحاج واسرته الفاضلة ارملته الحنون ورفيقة دربه اقبال (سيدة الحكايات وتاج راس الحاج) ، وجوهرته التى يحلف باسمها ( امنية) وفارس حوبته ( احمد ) غمرونا بكرم حاتمى ، ملامح الحاج حينها كانت تختزل بوضوحها ذكرياتنا في رحاب و ( زقاق ) الصحيفة المجيدة، امضينا معه رفقة الاخوان صديقه ( عمر صالح، ضياء بلال، فيصل ابراهيم، وجدي الكردى والفاضلة مريم ابشر) لحظات تقلبت ما بين الابتسامة والدموع تضرعنا فيها للخالق ان يمنح الحاج (الصحة والعافية) وهو يقاوم بجسارته المعهودة الام مرض لا يحتمله الا الشجعان و(الصناديد) …
لكن يبدو ان الفارس قرر ان يستريح بعد صراع طويل مع الوجع والامه التى لا ترحم وقرر الرحيل فى زمن الاحزان الكبيرة ، ظن انه سيسهل علينا فداحة الفقد خاصة وان الفواجع كثيرة والنازلات (على قفا من يشيل)، لكن تاكد عزيزنا ان فقدك الموجع جدد كل الجراح واستوطن مكانا فى القلب سيظل نازفا الى ان نلتقيك..
العزاء لرفيقة دربك اقبال ولابنائك احمد وامنية والبقية المكلومة ، وللاسرة الكريمة الممتدة من نورى الى الحاج عبدالله ولزملائنا فى الراي العام ، انا لله وانا اليه راجعون .
محمد عبدالقادر