رأي ومقالات

حسان الناصر: هل لقاء أديس أبابا مهم؟!

إن التفاهمات التي خرج بها لقاء أديس أبابا بين قوى (تقدم ) ومليشيات (الدعم السريع). يكشف عن أن هناك منصة مشتركة يلتقي فيها جميع الأطراف الموقعة مما عمل على خروج هذا الإتفاق في فترة وجيزة. وبشكل سريع جدا لا يمكن أن يكون لولا أن هناك اتصالات مستمرة و مكثفة بين الأطراف، وهو ما بدأ منذ لحظة وصول قيادات القوى السياسية الموقعة على الإتفاق الإطاري لكمبالا.

الإتفاق الإطاري يعتبر منصة الشراكة الأساسية بين قوى إعلان الحرية و التغيير و بين الدعم السريع، لذلك منذ أول يوم في الحرب قلنا أن القوى السياسية الموقعة على هذا الإتفاق هي شريكة بالأصالة في هذا العدوان. من خلال ما قامت به من توفير الشروط السياسية لإندلاع الحرب. عبر فرض الإتفاق الإطاري، و المشاركة في رؤية الدعم السريع السياسية التي قادته إلى تبني هذه المصالح ومن ثم مهاجمة الجيش في وحداته المختلفة.

سعت قوى الحرية و التغيير إلى وضع حجج تشير إلى أن الإسلاميين هم من أشعلوا هذه الحرب، وهو ما جاء أيضا في بيانهم بخصوص تأخر لقاء جيبوتي الذي أعلنته الإيقاد ومن ثم تراجعت قيادة الدعم السريع عنه، لأسباب فنية وتظهر مرة أخرى الأسباب في نوايا القوى السياسية التي تريد الجلوس أيضا على طاولة واحدة وهو ما سعت إليه في منبر جدة ولم تجده.

أشرنا منذ أبريل الماضي أن هذه القوى أصيلة في عدوانها على الدولة وأنها شريكة في دماء السودانيين وهو ما بدأ واضحاً من خلال صمتها عن جرائم الدعم السريع ومحاولة تصوير الجيش كمعتدي دائم ومجرم.

في الوقت الذي يتم تصفية فيه أبناء السودان في نيالا وفي مدني بدم بارد، عقدت قوى تقدم هذا الإعلان مع قيادة قوات الدعم السريع، ونلاحظ أنها لم تضغط حتى على مسألة إيقاف الإنتهاكات التي تتم في هذه اللحظة مما يعني أنها شريكة بالأصالة في هذه الجرائم عبر توفير الغطاء السياسي.

إن بنود الإتفاق هو مزيج ما بين الإطاري وبين محاولة التكسب السياسي من الحرب فنلاحظ أن قوى إعلان الحرية و التغيير و واجهتها السياسية تسعى إلى السلطة فوق دماء السودانيين و آهات المغتصبات من السودانيات، كما يسعى الدعم السريع على فرض شرعية سياسية على وجوده كقوى سياسية لا عسكرية فقط!

ونلاحظ هذا من خلال حديث حميدتي خلال مؤتمره الصحفي مع حمدوك، ونرى أنه متطابق مع ذات الخطاب الذي قدم في أكتوبر و الذي تحدثنا عنه في مقال سابق ونلاحظ أن حميدتي سعى من خلاله قبل الوصول إلى إتفاق في جدة (4 نوفمبر) لفرض شروطه.

من الجيد أن الحرية و التغيير بواجهاتها تقدم و الجبهة المدنية إلى آخر المسميات قد دخلت إلى مساحة العمل السياسي مع قيادة المليشيا، وهو ما يسمح لنا كقوى وطنية بالتعامل الجاد مع هذه الزمرة التي تريد الوصول للسلطة فوق جماجم السودانيين، و أن نتعامل بمبدأ دعوا الخنازير تدخل حظيرة واحدة للتخلص منها كلها.

الآن الكرة في ملعب قيادة الدولة، وما خرجت به المرحلة من شروط لا تقبل الإلتفاف أو محاولة المراوغة هناك قوى وطنية سياسية داخل السودان تواجه العدوان مع شعبها وهناك زمرة مرتزقة وعميلة تعمل على قتل الشعب و تدمير الدولة، و دول تساند هذا المشروع، لذلك عليها أن تتوحد في رؤيتها مع شعبها وتعمل على فرض شروط وطنية واضحة.

بيان الخارجية متأخر نوعا ما في توضيح مجمل الموقف العام للدولة و عليه أن لا يكون حديث فقط بل فعل عملي واضح وتبيان يتبعه مسارات مختلفة ومتعددة، بدل البطيء الذي تقوم به، وفي هذا نرسل رسالة واضحة للسيد السفير أن لا اللغة ولا الخطوات التي تقوم بها الوزارة كافية.

على المستوى الشعبي فالمقاومة قد بدأت في حشد الجموع و القدرات الإجتماعية وهو ما يحاول الجميع إيقافه ولكن في حكمة التاريخ، خير توضيح فالشعب عندما يبدأ في فعل ليس عليك إلا المشاهدة أو الإنخراط.

حسان الناصر