السفير عبد الله الأزرق: المعقول واللاّ معقول في العلاقات الدبلوماسية (15)
السفير عبد الله الأزرق يكتب:
المعقول واللاّ معقول في العلاقات الدبلوماسية (15)
📍شريان الحياة (ج)
عامةً كانت عملية شريان الحياة OLD في حقيقتها، شريان الحياة الذي ضخَّ الدماء في شرايين التمرد وقوّاه.
وبطريقة غير مباشرة مكنته من تحقيق اعتراف قانوني تتحدث معه الدول والمنظمات الدولية، بذريعة مناقشة الأوضاع الأمنية. وحتى نحن اضطررنا أن نجلس معهم في الاجتماعات التي تنظمها الأمم المتحدة لدراسة التنفيذ العملي لعمليات نقل الإغاثات.
وكانت العملية وسيلة اختراق أمني.
وأتاحت سبيلاً للدعاية المضادة، مثل تصوير وثائقي الرق، الذي ادّعُوا فيه أن الشماليين يبيعون الجنوبيين عبيداً.
وكان الخواجة John Ebner الذي يعمل مع البارونة كوكس في منظمة التضامن المسيحي (CSI) هم الذين نظَّموا لتصوير ذلك الوثائقي المُنْتَحَل؛ والذي فضح زيفه وفبركته القس الإيطالي ماريو ريڤا Mario Riva الذي عمل بالجنوب 25 عاماً، في برنامج 60Minutes الشهير والذي يقدمه دان رازر.
وفِرْيٍة الرق من المخازي التي تشوه سمعة أي أمّة، فلن ينسى العالم عار أمةٍ تبيع البشر.
كان الخبيث جون إبنر وراء عملية تمثيل أكذوبة بيع العبيد في الجنوب، وقال زوراً: إنه حرر 60 ألف عبد من تجار الرقيق المسلمين عرب الشمال.
ومن بين من تصدَّوا له في برنامج 60Minutes جيكابسون – الذي كان يعمل في منظمة كريستيان سوليدرتي مع إبنر لكنه كان شريفاً نزيها – وهو الذي وصف ما زعم إبنر أنه توثيق لعملية تحرير العبيد بأنها:
“It’s a show. It’s a circus, it’s a staged event”,
استعراض وسيرك وتمثيل مفتعل!!!
وعقب حلقة 60Minutes تعرَّض مقدم البرنامج دان راذر لهجوم ولحملة انتقادات ضارية؛ لأنه أورد الشهادات المنصفة للقسيس وجيكابسون.. فمجتمع الإغاثة الإجرامي لا يسمح بشهادات تعيق مصالحه المليارية.
ثلاثة أمريكان تطوعوا للعمل مع الأمم المتحدة وعملوا في البوسنة وليبريا والصومال ورواندا كتبوا بأمانة تجربتهم في العمل مع المنظمة الدولية في كتاب اسمه “EmergencySex”، وذكروا فيه مغامراتهم الجنسية في البلاد المختلفة والفساد الذي عايشوه وحتى الفظائع التي يرتكبها العاملون في الأمم المتحدة.
الكتاب يعكس بصدق ما يجري حقيقة في الأمم المتحدة وفي بعثات حفظ السلام الدولية..
وكتب أحدهم:
“If blue-helmeted UN peacekeepers show up in your town or village and offer to protect you, run. Or else get weapons. Your lives are worth so much less than theirs. I learned that the day we were evacuated from Haiti”.
“إذا ظهرت القبعات الزرق لقوات حفظ السلام في مدينتك أو قريتك، وادّعوا أنهم أتوا لحمايتك، فاهرب جارياً، أو احصل على سلاح.. فهم يقدمون حفظ حياتهم على حياتك، فقد تعلمت هذا الدرس في اليوم الذي جرى إخلاؤنا من هاييتي”.
أمًا ما ذكره الثلاثة عن مغامراتهم الجنسية وانتهاكهم للعروض في البلاد التي عملوا بها، فقد جرى مثله حذو القذة بالقذة في معسكرات يوناميد في دارفور، وقد كانت مواخير دعارة، ولم تحفظ سلاماً، بل إنها طلبت رسمياً من الشرطة السودانية أن تحرسها!!!
أما رغد العيش الذي عاشته وأكلُها السالمون فذلك حديث يطول.
بل إنها متهمة بتسريب الأسلحة لمتمردي دارفور.
وليس هذا بعجيب، فكل المنظمات تعيش على تواصل، بل تأجيج الصراعات المسلحة عبر العالم.. وهذا موثَّق ثابت.
المستفيدون كانوا كثراً؛ أفراداً ومنظمات ودول.
كينيا مثلاً كانت تتقاسم السلاح والعتاد الذي يُسَرّب لحركة التمرد لجيشها.
وشغّلت شركاتها في النقل، وباعت بعض إنتاجها للعملية، ووظّفت مواطنيها.
وكان الزميل محمد الحسن إبراهيم (السفير الآن) من كان يكشف كثيراً من المؤامرات التي تحاك؛ كان شعلة من النشاط والوطنية. تلك شخصية لا تنسى لإخلاصها وتفانيها من أجل السودان.
قَوّت عملية شريان الحياة المتمردين، وزادت ثقة الحركة في نفسها..
وهكذا ظلت عصيةً على دعوات الجنوح للسلم، إلاّ بشروطها؛ مما أطال أمد الحرب وأطال معاناة الجنوبيين، بل كل السودان.
وصفت عملية شريان الحياة بأنها عملية إنسانية، ولكنه دأب الغربيين على امتهان كل كلمة خيّرة، واستغلالها بما ينجم عنها نقيضها.. تماماً مثلما يتحدثون عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية.
ألم يسموا غزو العراق: (عملية حرية العراقي) Operation Iraqi Freedom!!!
السفير عبد الله الأزرق