رأي ومقالات

هل تفقدون السيطرة!

1. لعل أكبر خطأ يقع فيه القادة أثناء عملهم على تفكيك المشكلات المستعصية هو أنهم يقضون وقتاً طويلاً لاستيعاب تفاصيلها، ثم معالجة المشكلات الأخرى التي تترتب على تفكيكها في دوّامة لا تتوقف عن النقاش في كل اجتماعاتهم.

2. ومدخل الخطأ أنّ المستوى القيادي عليه أن يتوقّع هذه المشكلات الكبيرة ويعرف النماذج الأفضل في التعامل معها من خلال الاستعانة بطبقة من المفكرين المحللين الذين يمتلكون الخبرة المناسبة في مسبباتها ومقدماتها وعوارضها وظواهرها ونتائجها، ويمتلكون القدرة على توصيفها وتشخيصها في إطارها الحقيقي الذي لا تزيّد فيه ولا تزييف.

3. عدم وجود هذه الطبقة يعني أن القيادة ستواجَه بمنظومة تعقيد مستديمة ستستمر في التعقيد بكل اتجاه كلما توسّع العمل أو استدام حتى يصل الأمر إلى العجز القياديّ بسبب اضطرار كل مساحة على اعتماد آليّة التحريك اليدوي لتشغيل التروس المتعطلة في نظام التعقيد، وتصبح كل مساحةٍ جزيرةً معزولة لا سيطرة للقيادة عليها ولا تأثير إلا في الاشكال الظاهريّة ، وستخضع لنظام الإدارة التشغيليّ الارتداديّ الذي يعاني للبقاء وتسجيل الحضور وإثبات الفاعليّة.

4. هذا التعقيد سيؤدي إلى فقدان القيادة قدرتها على التنبّؤ والتحكّم في النظام، وخلال مسيرة فقدان السيطرة المتدرّج سينتج الكثير من التشوهات والاختلالات التي ستعطّل النظام تماماً أو توصله إلى حالة الفشل وانعدام الفاعلية والإنتاج رغم وهم التشغيل الحاصل.
5. إن وجود هؤلاء المفكرين الإداريين والتنظيميين والاجتماعيين يعني أن القيادة ستستطيع رؤية النمط لا النقاط الجامدة الثابتة فحسب، كما أنها ستستطيع اكتشاف نظام العلاقات المتبادلة بين العناصر والمركز والأطراف وكيفية تفاعلها ولن تقف جامدة أمام رؤية ظواهر الأشياء وتقاليدها المكشوفة.

6. هؤلاء المفكرون لا ينبغي أن يكونوا في مربع القيادة التشغيلية الضاغطة بل هم في مراكز دعم القرار القيادي ومطابخه، ويجب أن تتوفر لهم كل المعلومات والمعطيات المتوفرة لدى القيادة وكأنهم منها ليتمكّنوا من تقديم رؤاهم بكفاءة.

د. أسامة الأشقر