رأي ومقالات

قمة بؤس المليشيا المتمردة هي أن تتعلق ببرلمان الفلول كمرجعية لشرعيتها

قمة بؤس المليشيا المتمردة هي أن تتعلق ببرلمان الفلول كمرجعية لشرعيتها. حربهم كلها قامت على دعاية “الفلول” وأنها تحاربهم، بينما هي نفسها تستمد شرعيتها من برلمان المؤتمر الوطني!
مفارقة مجنونة!
هذه المليشيا أعدمت نفسها بنفسها منذ أن انقلبت على الشرعية التي صنعتها. وثورة دبسمبر لولا أنها ثورة فاشلة لكانت حلت قوات الدعم السريع قبل حزب المؤتمر الوطني. ولكن قادة ديسمبر أرادوا أن يتحالفوا مع حميدتي ضد الإسلاميين تنفيذاً لأجندة غير وطنية خارجية؛ هكذا بدلاً من التفاوض مع المؤتمر الوطني على تسوية سياسية وفترة انتقال سلسة راحوا ليبركوا تحت أقدام حميدتي كما ذكر ذلك بنفسه، في لحظة كان الشارع كله يقف وراءهم والاعتصامات تهز الأرض على امتداد السودان.
كان يُمكن تفكيك قوات الدعم السريع كأخطر ما صنعته الإنقاذ، ولكن عبقرية قادة الثورة أرادت أن تتحالف مع المليشيا لتحكم السودان، ولتضرب مؤسسة الجيش وتضرب خصومها السياسيين. فبعد تشكيل السلطة بموجب وثيقة كورنثيا ذهبوا إلى حميدتي وقالوا له نريد فترة إنتقالية 15 سنة! ومرة أخرى فضحهم الرجل وأعلن ذلك. وطوال فترة سلطة كورنثيا ظل الدعم السريع خارج وفوق المساءلة لا أحد يتكلم عن تمدده الإقتصادي والعسكري، بل هو كان جزء من لجنة التمكين سيئة الذكر. كانوا يتكلمون عن السيطرة على شركات الجيش ولكن لم يجرؤ ولا واحد منهم أن يتكلم عن شركات واستثمارات آل دقلو في أخزى وأعهر تواطؤ عرفه السودان. صمت كامل عن إمبراطورية ضخمة لعائلة دقلو وفي نفس الوقت هجوم شرس على الجيش وشركاته.
ثم بعد انقلاب 25 اكتوبر، عادت مرة أخرى أحزاب قحت لتتحالف مع الدعم السريع ضد الجيش، وصمتت مرة أخرى في الاتفاق الإطاري عن استثمارات آل دقلو وتكلمت عن شركات الجيش وضرورة تبعيتها للمالية، أي لسلطة قحت التي ستتشكل على أساس الاتفاق، ثم ذهبت ابعد من ذلك وتورطت في المحاولة الفاشلة للاستيلاء على السلطة بالقوة ثم الحرب التي شنتها المليشيا على الدولة والشعب.
والآن بعد حل المليشيا بمرسوم دستوري، أصبح حلفاءها يقبضون الهواء! راهنوا بكل شيء على مليشيا صنعها عمر البشير وتديرها عائلة دقلو، وأجاز قانونها برلمان المؤتمر الوطني، وهي الآن في حكم العدم دستورياً تماماً مثل برلمان المؤتمر الوطني.
ربما يجب عليكم اتنظار تشكيل المحكمة الدستورية لتقديم طعن ضد قرار حل الدعم السريع، وستجدون هناك حزب المؤتمر الوطني قد سبقكم بطعن ضد قرار حله هو أيضا!

حليم عباس