خروج البرهان بين سردية حرب الجنرالين وسردية حرب المليشيا ضد الدولة
في نقاش مع أحد الإصدقاء، كنا بنتسائل لي خروج البرهان، بصفته الاعتبارية كقائد عام للجيش ورئيس لمجلس سيادة البلاد، عمل تغيير كبير في المزاج العام وميل الكفة سياسيا لصالح الجيش؟!
وصلنا لي إنو المسألة ما جوهرها هزيمة سردية البدروم والانتشار يعني السيطرة، لكنها هزيمة عميقة لدعاية المليشيا وأحلافها من أحزاب الحرية والتغيير بتحويل مخيال حرب الجيشين والجنرالين نحو مخيال حرب المليشيا ضد الدولة: مخيال السردية الهزمت سياسيا بالآلة الإعلامية لأحزاب الحرية والتغيير واقتصادها السياسي باعتبارها قوى مدنية مرتبطة بالتحول المدني الديمقراطي.
للأسف البرهان وعسكر مجلس السيادة أداروا المعركة خلال الشهور الفاتت دي كلها بمخيال دفاع عسكري ما مخيال أمن قومي وبالتالي لم تستثمر قوى الدولة السبعة الشاملة في الإدارة الاستراتيجية للحرب. وفي الحقيقة في بداية الحرب البرهان عين عسكر مجلس السيادة الفي الجهاز السياسي في الدولة في مناصب في البيروقراطية العسكرية ودا بيوريك الخيال الذي تقرر أن تدار به المعركة. فعسكر مجلس السيادة لخمسة شهور من غير وعي أور بما بوعي من البرهان تحديدا كانوا بيؤكدوا في سردية الجيشين وحرب الجنرالين ودا محور الدعاية السياسية لتحالف الدعم السريع والحرية والتغيير البيقوم عموده الفقري على مساواة الشرعية بين الجيش والدعم السريع ومشروعهم المركزي هو ليس دمج الدعم السريع في الجيش لكن دمج الدعم السريع والجيش في جيش جديد بما يساوي بين الشرعية للجيشين. في الخمسة شهور دي البرهان ما نجح إطلاقا إنو يديك شعور إنو رئيس مجلس سيادة فظهر مرتين بس بالصفة الاعتبارية دي المرة الأولى منهم بعد ٨٠ يوم من الحرب. البرهان كان دايما بيديك شعور إنو قائد جيش وقائد جيش مهزوز.
غرامشي بيتكلم عن سطوة الدولة وهيمنتها الثقافية فللدولة هالة وشعور في اللاوعي للشعوب التي ولجت مجالها الثقافي. خروج البرهان بعملية عسكرية محكمة وارتشافه للقهوة هزم سردية البدروم لكن سفره في ذات اليوم لعطبرة ومنها لبورتسودان ولقائه للوزراء ونائب رئيس مجلس السيادة وخطاب قاعدة فلامنجو البحرية ثم السفر لمصر كرئيس مجلس سيادة استعاد مخيال الدولة. فكرة زول بيطلع من القيادة لي حامية في نهر النيل وحامية في الشرق ويسافر ويرجع ويلاقي رئيس بلد تانية فدا طوالي بيعكس مخيال الدولة وبيوريك مقدار التحكم والسيطرة. وبالتالي دا بيساعد في تعريف الحرب في إطارها الصحيح كحرب بين الدولة والمليشيا وليست حرب جيشين وجنرالين. حرب الجيش مسيطر فيها على كل الولايات وما فيها أدنى تنازع على سلطة الأمر الواقع. بفعل هالة الدولة ومخيالها الثقافي مباشرة بتظهر ضئالة المليشيا ومجرد الخروج دا بينجح في إنو يحول مخيال المعارك العسكرية إلى تفلتات أمنية في بعض ولايات السودان لجيش مركزي مع مليشيا متمردة. هذه التحركات على بساطتها لكنها أنجع في هزيمة السردية السياسية للخصم بأكثر من تحرير كبري شمبات.
فالبرهان خلال الشهور السابقة لم يكن لجاما للجيش بقدر ما كان لجاما للدولة. دولة أثبتت أكثر من أي وقت مضى أنها عريقة. ومصالح بقائها الوجودية أثبتت أنها ذات بنية عميقة مكنت الشعب من رسم خطوط الاقتصادي السياسي للجيش ومكنت الجيش من قلب المجن على قائده ومكنته قبل ذلك من إفشال أكبر مخطط لتقويضها في ما لا يزيد عن ٧٢ ساعة. كيف لا وهذه الدولة اليوم باتت تستعيد عافيتها ومن أجمل الأخبار استعادة بيانات السجل المدني في ما يشبه المعجزة. بل أثبتت هذه الحرب مرونة القطاع الخاص السوداني وقدرته على إعادة إنتاج سلعه وخدماته وحتى تغيير نشاطه.
الرسالة خرجت قوية لأبان عقالات: نحن أولاد بلد نقعد نقوم على كيفنا: نحن الفوق رقاب الناس مجرب سيفنا. نحن ملوكنا وملكاتنا مدفونين بي دهبهم صنعوا أمجادا في التاريخ حين لم تكونوا حينها مجرد فكرة.
خاتمة: ياخ البرهان دا جاب لينا نفسيات: الزول في نفس ذات اللحظة بيجيهو شعورين لمن يشوفو. شعور بالخساسة والكره مربوط بصفته الشخصية وشعور بالعظمة والحب لصفاته الاعتبارية؛ صفات في هذه اللحظات تحديدا من تاريخنا نريد لها أن تكون في أبهى وأكمل صورها: الصفة الاعتبارية لجيش قوقو عمرو ما سنوات من كرري وتعال أحسب؛ والصفة الاعتبارية لرئاسة سيادة دولة فيها ما فيها من سر بعانخي.
النصر والمجد للقوات المسلحة السودانية.
البقاء والسيادة والنماء للسودان وشعب السودان.
عمرو صالح يس