طب وصحة

تناول العصائر الطبيعية ليس مفيداً دائماً

يزداد الإقبال على تناول العصائر خلال فصل الصيف، في ظل الارتفاع الكبير في درجات الحرارة والرطوبة، الذي يتطلّب من الناس تناول السوائل بكميات كبيرة. وتأتي العصائر الطبيعية ضمن قائمة هذه السوائل. إذ توفر هذه العصائر أعلى قيمة غذائية والنسبة الأقل من السكريات والسعرات الحرارية، مقارنةً بالمشروبات الجاهزة أو الغازية.
ويرتبط تناول عصير الفاكهة بتحسين جودة النظام الغذائي وفقاً لتقرير نُشر عام 2019 في مجلة “Nutrients” الطبية. وعلى الرغم من هذه الفوائد العديدة، فإن تناول العصائر الطبيعية قد لا يكون مفيداً للصحة كما يعتقد كثيرون، وقد يؤدي تناولها إلى حدوث أمراض في الأمعاء، وزيادة في الوزن، وهو ما توصلت إليه دراسات عدة سلطت الضوء عليها مجلة “نيوزويك” الأميركية.
ويحتوي العصير الطبيعي على الكثير من الفيتامينات والعناصر الغذائية، مثل المعادن والكيميائيات النباتية والألياف الصحية. إلا أن تناول العصائر قد لا يكون مفيداً للصحة، لأنها تحتوي على نسب مرتفعة من السكر. وبحسب تقديرات موقع “Verywell Fit” الأميركي، يحتوي عصير البرتقال الأكثر شيوعاً على حوالى 90 إلى 110 سعرات حرارية، و0 إلى غرامين من البروتين، و25 إلى 30 غراماً من الكربوهيدرات، و0 غرام من الدهون، و20 غراماً من السكر، وهذا يعني أن جسم الانسان قد يمتصّ نحو 20 غراماً من السكر الطبيعي دفعة واحدة، ولهذا تأثيرات صحية عدة.
في هذا الإطار، لا تنفي اختصاصية التغذية سالي السيد أهمية تناول العصائر. في المقابل، تشير إلى أن كوب العصير يحتوي على كميات كبيرة من سكر الفركتوز أو سكر الفاكهة (أحد السكريات الأحادية الغذائية الثلاثة، جنباً إلى جنب مع الغلوكوز والغالاكتوز، التي يجري امتصاصها مباشرة في الدم في أثناء الهضم)، وهو ما قد يكون له تأثيرات صحية بآليات الهضم لدى الإنسان وارتفاع نسبة السكر في الدم. تقول لـ “العربي الجديد”: “عادة ما ينصح بتناول 5 حصص على الأقل من مجموعة متنوعة من الفاكهة والخضار يومياً. ويمكن للبالغين تناول حصتين ونصف حصة من الفاكهة يومياً بمعدل 200 غرام تقريباً، على أن يكون تناول هذه الحصص في أوقات مختلفة، لا دفعة واحدة”.
تضيف: “بالنسبة إلى العصير، فإن الكوب يحتوي على ما لا يقل عن 300 غرام من الفاكهة. على سبيل المثال، يحتاج كوب عصير البرتقال إلى نحو 5 أو 6 برتقالات يراوح وزن الواحدة منها ما بين 40 و60 غراماً. بالتالي، إن الكوب يحتوي في أقلّ تقدير على 250 غراماً من الفاكهة التي يجري تناولها دفعة واحدة، ما يعني أن هناك نسبة عالية جداً من الفركتوز تؤخذ”.
في المقابل، إن الحصة الواحدة من الفاكهة التي تُتَناوَل لا تحتوي على أكثر من 4 أو 5 غرامات من السكر الطبيعي، وهو أمر مفيد لجسم الإنسان، ولا يؤدي عملياً إلى حصول أية مشاكل صحية، على حد قولها.
وبحسب تقرير نشرته مجلة “نيوزويك”، وجد الأستاذ في كلية الطب بجامعة كولورادو، ريتشارد جونسون، أن المشروبات الطبيعية تحتوي على ما يصل إلى 30 غراماً من الفركتوز، بينما قد تحتوي حصة من الفاكهة على غرار الكيوي على 2 إلى 3 غرامات فقط. وهذه النسبة، على الرغم من صغرها، إلا أنها تضرّ أيضاً بالصحة. وأشارت الدراسات إلى أن المستويات المنخفضة نسبياً من الفركتوز الموجودة في الفاكهة ترفضها الأمعاء الدقيقة إلى حد كبير. إحدى هذه الدراسات أُعدَّت عام 2018 ونُشرت في مجلة “Cell Metabolism” البحثية. بالتالي، مع تناول كميات أكبر، قد لا تكون الأمعاء قادرة على امتصاص السكر، ما يؤدي إلى حدوث تلبّك فيها.
وقال جونسون: “عندما يتناول الإنسان كميات معتدلة من الفركتوز الموجود في الفاكهة الطبيعية، يعمد الجسم إلى إلغاء تنشيط الفركتوز حتى لا يحصل على الكثير من السكر في نظامه. لكن تحدث المشكلة عندما يأكل الإنسان كميات كبيرة من الفركتوز في وقت محدد. وعندها لا يمكن لجسم الإنسان المقاومة، لترتفع نسبة السكر في الدم، ما يؤدي إلى زيادة الوزن”.
وتشير دراسات إلى أن تناول كميات كبيرة من الفركتوز قد يسبب تغيرات في استقلاب الطاقة في الجسم، وقد يؤدي إلى مشاكل صحية. وتوصي منظمة الصحة العالمية البالغين والأطفال بتخفيض مدخولهم اليومي من السكريات الحرة إلى أقل من 10 في المائة من إجمالي استهلاكهم للطاقة، ومن شأن تخفيض آخر في هذا المدخول إلى نسبة أدنى من 5 في المائة أو ما يقارب 25 غراماً في اليوم الواحد أن يحقق فوائد صحية إضافية.
وتشمل السكريات الحرة السكريات الأحادية مثل الغلوكوز والفركتوز، والسكريات الثنائية، مثل سكر المائدة، التي تضيفها الشركة المصنعة أو الطباخ أو المستهلك إلى الأغذية والمشروبات، والسكريات الموجودة طبيعياً في العسل وأنواع العصير وعصائر الفواكه ومركباتها المركزة.

العربي الجديد