الدعامة في الحي أكثر من المواطنين وهذا من أجبن الفعال تركوا ساحات القتال ومكثوا في بيوت العزل
#فضفضه “عندما صعدت المنبر”
في يوم من أيام الحرب ، وقلبي ممتلئ بالقهر و الكبت؛فالدعامه من أول أسبوع في الحرب لم يبرحوا منطقتنا؛سفكا للدماء نهبا للمتلكات ترويعا للمواطنين العزل مع التفنن في الإذلال و الإهانة و تصنع المشاكل مع المواطنين،خرجت للمسجد وفي بالي الصور الحزينة لمنطقتنا فالشوارع خالية تماما ؛خلت المنازل و خلت الطرقات، كنت عندما أخرج من بيتنا للمسجد وهو على مقربة من بيتنا أرى الرجال و النساء و الأطفال يتسابقون للمسجد؛فذلك يمازحك و هذا يسلم عليك و ذلك يترجاك أن تتأخر ليحضر قبلك،كل ذلك لم يكن، ومآذن المساجد يعلو صوتها بخطبة الحاجة و الأذان و ذكر الله تعالى كل ذلك كان مختفيا و أنا في طريقي للمسجد، حقيقةً لم يكن هناك صوت غير صوت رصاص هؤلاء الأوباش الذين لا يراعون جمعة و لا غيرها يضربون الرصاص بكثرة بلا سبب غير إزعاج و إخافة القلة القليلة التي بقيت؛فالدعامة في الحي أكثر من المواطنين و لعمري لهذا من أجبن الفعال تركوا ساحات القتال و مكثوا في بيوت العزل ، صعدت المنبر و الحمدلله مسجدنا هو المسجد الوحيد في منطقتنا ؛أبوابه مشرعة و تقام فيه الصلوات كلها ، فكل المساجد هجرت و علاها الغبار 🥲 فلا أحد يعمرها و لا أحد يصلي فيها ، صعدت المنبر و البؤس و القهر و الحيرة مسيطرة على وجوه الناس ،و المسجد لم يكن كعادته ممتلئا بالمصلين و تعمره الحياة و البهجة، صعدت المنبر و بدأت الحديث في فضائل العشر الأولى من ذي الحجة و ذهني شارد و بعيد بسبب ضعفنا و قهرنا و قلة حلتنا، جاء الحديث عن أنها من الأشهر الحرم و الظلم فيها أشد حرمةً من غيرها ، ثم بعدها عرّجت و رحت بعيدا في الكلام عن الظلم و صرت أتكلم كلام المقهور الحزين تكلمت عن الظلمة و الرسالة كانت واضحة للقوم و أنا أعلم تماما أنهم يسمعونني و فيهم من يصلي معنا، كنت أتكلم و ترتجف قدمي و قلبي خائف و كان يغلب على ظني أن سوءً سيصيبني من هؤلاء؛ لكن ما عساي أن أفعل فهي مسؤولية ألقيت على عاتقنا فلابد من أخذها بعزم وجد،وحالي مع ذلك موت في سبيل الحق خير من حياة بقهر،لكن ربك الكريم سلمني من شرهم و سوءهم، وحينها رأيت صدق المحبة من شقيقي و المصلين في خوفهم عليّ و حرصهم على سلامتي و سعيهم في أن لا يصلني مكروه، حينها كنت أشعر كأني فزت بالدنيا ؛بأن رزقني الله إخوانا مثل هؤلاء.
هذه الفضفضة قليل من كثير رأيناه و عايشناه مع هؤلاء الأنجاس، كنت قبل الحرب هذه شخصا وصرت بعد فعال الدعم شخصا آخر ،كنت عندما أريد أن أقتل الفأر الذي أمر الشارع بقتله أجبن و أتردد و أغطيه حتى لا أبصر الدم، كنت إذا رأيت مسدس مطاط أتحاشاه و أخشاه، أما بعد أن رأيت هؤلاء و فعالهم صار كل ذلك هينا لينا فالمسدس الناري صار لا يلبي رغبتي وهناك الكثير الذي تغير فيّ بسببهم وأحسبه كله لخير
(فالمؤمن القوي خير و أحب إلى الله من المؤمن الضعيف)
اللهم انتقم منهم شر انتقام
اللهم أرنا فيهم يوما أسودا كيوم عاد و ثمود…
مصطفى ميرغني