أزمة أم فوضى.. لماذا يقلق جيران النيجر من الساعات القادمة؟
مع تأكيد الرئاسة في النيجر رفض الجيش لـ”الحركة المناهضة للجمهورية” التي قام بها متمردون ضد الرئيس محمد بازوم، الأربعاء، تترقب الدول المجاورة بقلق ما سيحدث في الساعات القادمة؛ لما له من تأثير مباشر على أمنها واستقرارها.
وفي بيان تحذيري للمتمردين قالت الرئاسة، الأربعاء، إن “الجيش والحرس الوطني على استعداد لمهاجمة عناصر الحرس الرئاسي المنخرطة في هذه الحركة المزاجية فورًا إذا لم يعودوا إلى رشدهم”.
وحاصر بعض جنود الحرس الرئاسي القصر الرئاسي في العاصمة نيامي، فيما وصفته مصادر بأنه محاولة انقلابية، ووصفتها الرئاسة في بيانها بأنها “حركة فاشلة مناهضة للجمهورية”.
ووفق ما رصده المحلل السياسي النيجري، إدريس آيات:
• انتشر الجيش حول القصر الرئاسي؛ بعد رفض الحرس الرئاسي الذي يحتجز الرئيس بازوم كرهينة منذ الصباح الانسحاب، وإخلاء سبيل الرئيس ووزير داخليته.
• طلب قائد الحرس الرئاسي الجنرال عمر تشياني، في البداية دعم الجيش الذي رفض دعم انقلابهم أو تمردهم ضد الرئيس بازوم.
• تقارير صحفية تحدثت عن خلافات وقعت بين بازوم وتشياني على قائمة بعض التعيينات في الحرس والمؤسسات الأمنية.
• وفي وقت سابق استبدل بازوم بعض القيادات والموظفين على أمل الاحتراز من أي تقلبات أمنية.
• إذا لم تنتهِ الأزمة بسرعة في النيجر، فإن الوضع سيتأزم، وقد تحدث مواجهات بين مجموعات الحرس الرئاسي بقيادة تشياني والجيش في أي لحظة.
• وحال حدوث هذه المواجهة، فلن يكون للقوى المتمردة فرصة للنجاة؛ لأنه لا قبل لها بالجيش والحرس الوطني.
• لكن المخيف أن يتصرفوا برعونة، أو يُطلق أحدهم رصاصة على رئيس الجمهورية بقصدٍ أو بدونه؛ لذلك يفضّل لغة التفاوض والحوار بدل التهديد، وستكون المواجهة المسلحة بين الفريقين آخر الحلول.
• ما يلزم تأكيده هنا، هو صعوبة نجاح أي انقلاب عسكري لا يدعمه الجيش والحرس الوطني النيجري.
وكان بازوم قد شهد بالفعل تذبذبًا في سلطته بعد انتخابه وقبيل تنصيبه في عام 2021، حين دوَّى في المدة من 30 إلى 31 مارس إطلاق نار كثيف بالقرب من الرئاسة، وأعلنت السلطات حينها اعتقال متمردين والسيطرة على ما وصفتها بمحاولة انقلاب.
إنهاء التمرد أو الفوضى
يتفق المحلل السياسي التشادي المتخصص في شؤون منطقة الساحل، جبرين عيسى، في ضرورة إنهاء الأزمة الجديدة “بسرعة وحكمة”؛ لأن تبعات استمرارها “خطيرة جدا” على دول منطقة الساحل (في وسط وغرب إفريقيا)، وذلك “رغم تواجد قوات فرنسية وأميركية في البلاد”.
ويضيف لموقع “سكاي نيوز عربية” موضحا:
• إذا وقعت النيجر في اضطرابات شديدة سينعكس هذا على زيادة نشاط الجماعات الإرهابية في النيجر ودول الساحل والصحراء المجاورة.
• سيعطي هذا أيضا مزيدا من الفرص لعصابات الهجرة غير الشرعية التي تمارس عمليات التهريب على الحدود بين النيجر وتشاد ومالي إلى شمال إفريقيا وشواطئ أوروبا.
ويتوقع عيسى أنه “خلال 24 ساعة القادمة سوف تتضح الصورة، والأقرب أن هذا الانقلاب لن ينجح مع وجود قوات فرنسية في النيجر”.
تحركت الجزائر بسرعة لدعم الشرعية الدستورية في النيجر، وقالت الخارجية الجزائرية إن الوزير أحمد عطاف طلب من نظيره النيجري أن ينقل إلى الرئيس محمد بازوم دعم وتضامن الرئيس عبد المجيد تبون في هذه المحنة الصعبة التي تجتازها جمهورية النيجر.
تشكل الإضطرابات في النيجر تحديا أمنيا الحدود الجزائرية التي تتشارك مع النيجر حدود تصل لنحو 956 كلم، حيث تقع مدينة “أساماكا” النيجرية في قلب الصحراء، على بعد 15 كيلومترا فقط من الحدود النيجيرية مع الجزائر، وهي مفترق طرق بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين.
منطقة الساحل والصحراء تعد نقطة تجمع للخارجين عن القانون، ومركزا لشبكات الجريمة المنظمة المختلفة، وتهريب الأسلحة والمخدرات.
وينقل مهربو المخدرات في عصابات أمريكا اللاتينية بضائعهم إلى أوروبا عن طريق عبر دول الساحل ومنها النيجر ثم ليبيا والجزائر .
يبلغ طول الحدود الليبية النيجرية 342 كيلومتر وتمتد من النقطة الثلاثية مع الجزائر في الغرب إلى النقطة الثلاثية مع تشاد في الشرق، ومع الأخذ في الاعتبار الوضع الأمني غير المستقر في ليبيا، فإن الاضطرابات في النيجر ستفتح طريقا سهلا للجماعات التهريب والجماعات المتطرفة. كما تشير الأسلحة التي تصل مالي عبر تشاد والنيجر من ليبيا بعد حرب 2011 في ليبيا إلى تهريب أسلحة على نطاق واسع في منطقة الساحل.
ستستمر حركة المرور عبر النيجر من قبل هؤلاء مهربي السلاح، ويباع لمن يدفع أعلى سعر وتستفيد منه الجماعات الإرهابية الموجودة في المنطقة جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الموالية لتنظيم القاعدة، والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وكذلك تنظيم داعش غرب إفريقيا وبوكو حرام في نيجيريا التي لها حدود مع النيجر.
منذ اندلاع الأزمة الليبية عام 2011، تعد أغاديس هي الباب الأخير أمم المهاجرين إلى أوروبا عبر الأراضي الليبية وأيضا نقطة تهريب الأسلحة والمخدرات من وإلى دول الساحل الإفريقي.
تقدر تقارير المنظمات غير الحكومية الدولية ما يصل إلى حوالي 15 مليون قطعة سلاح متداولة في جميع أنحاء منطقة الساحل والصحراء ومنطقة جنوب الصحراء الكبرى.
ويقول المحلل السياسي أبو بكر عبد السلام، إن ليبيا وتشاد تترقبان ما يحدث في النيجر ومخاوف من انفلات الأمن على الحدود مما يهدد بتدفق السلاح والعناصر الإرهابية واستفادة الجماعات المسلحة من حدوث اضطرابات في النيجر:
المعروف أن الجماعات الإرهابية المنتشرة في الساحل لها خلايا في ليبيا يشكل فرصة غياب الأمن على حدود النيجر مع ليبيا في تدفق السلاح والمقاتلين.
لدى تنظيم داعش والقاعدة خلايا في ليبيا ترى في دخول النيجر فرصة سانحة لاعادة نفوذها في المنطقة وخاصة في الجنوب الليبي ومثلث الحدود بين النيجر وليبيا والجزائر.
كذلك يشكل الوضع في النيجر أزمة كبيرة لتشاد التي ترتبط بحدود تصل لنحو 1,175 كم ، وهي تشكل فرصة سانحة لتدفق السلاح للجماعات المتمردة في شمال غرب تشاد.
“سكاي نيوز عربية”