أزمة السودان ..هنا القاهرة .. والوقت ليس في صالح السودان
حين تستضيف مصر قمة دول جوار السودان اليوم للبحث عن مخرج لأزمة تهدد الدولة السودانية الشقيقة فإنها تتحرك من منطلق دورها التاريخي في المنطقة والروابط التي تجمع بين الشعبين المصري والسوداني والتي تضرب في عمق التاريخ ..فلاشك أن السودان يمر بأزمة خطيرة تهدد مستقبله، وتعصف بمقدرات شعبه، وتنسف كل الجهود التي قام بها الشعب لنيل الحرية وترسيخ الأمن والاستقرار .
لعل ما طرحه الرئيس السيسي اليوم في كلمة تاريخية تمثل في مجملها خارطة طريق لحل هذه الأزمة التي تواجه السودان الشقيق إذ تضمنت كلمة الرئيس خطة من 4 نقاط رئيسية في مقدمتها مطالبة الأطراف المتحاربة بوقف التصعيد، والبدء دون إبطاء، في مفاوضات جادة تهدف للتوصل لوقف فوري ومستدام، لإطلاق النار و مطالبة كافة الأطراف السودانية، بتسهيل كافة المساعدات الإنسانية، وإقامة ممرات آمنة، لتوصيل تلك المساعدات، للمناطق الأكثر احتياجا داخل السودان ووضع آليات، تكفل توفير الحماية اللازمة لقوافل المساعدات الإنسانية، ولموظفي الإغاثة الدولية لتمكينهم من أداء عملهم.
كما جاءت النقطة الثالثة لتؤكد على إطلاق حوار جامع للأطراف السودانية، بمشاركة القوى السياسية والمدنية، وممثلي المرأة والشباب يهدف لبدء عملية سياسية شاملة، تلبى طموحات وتطلعات الشعب السوداني في الأمن والرخاء والاستقرار والديمقراطية.وأخيرا تشكيل آلية اتصال منبثقة عن هذا المؤتمر، لوضع خطة عمل تنفيذية للتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية على أن تضطلع الآلية بالتواصل المباشر مع أطراف الأزمة والتنسيق مع الآليات والأطر القائمة.
المؤكد أن رؤية الرئيس السيسي هي طوق النجاة للسودان من هذه الأزمة وذلك المصير الذي ينتظره إذ لم يتم تغليب صوت العقل ووقف هذا الصراع الدموي الذي يدفع فاتورته الشعب السوداني الذي بات ما بين مقيم مهدد بالجوع والموت أو مهاجراو لاجئ أو عالق فقد الدار والوطن .
بعيدا عن المصالح السياسية الضيقة، المزايدات الحزبية الرخيصة، والأطماع الشخصية الزائفة لا بد أن تنخرط الأطراف المتصارعة إلى حوار مسئول يعلى مصالح الوطن ويرتفع فوق الخلافات المدمرة من أجل هذا البلد الشقيق الذي أن ضاع فلا بقاء لأحد من المتصارعين .
إن حل الأزمة السودانية لابد أن يكون سودانيا وإن استمرار الصراع بهذا الشكل الدموي المروع سيفتح الطريق أمام المزيد من التدخلات الخارجية التي تزيد النار اشتعالا والصراع احتداما .
إن تحرك القيادة المصرية بالدعوة إلى قمة جوار السودان بحضور قادة الدول التي تشترك مع السودان في الجوار يسعى إلى وضع حد لهذه الأزمة من أجل إنقاذ هذا البلد الشقيق ويقينا أن هذا التحرك في توقيته ومحاوره يمثل فرصة مهمة يجب على جميع الأطراف في السودان استغلالها والتعاطي مع مخرجاتها لأن دول الجوار لا تستهدف سوى الاستقرار للسودان بعد أن باتت متضررة من تداعيات الصراع، حيث تستقبل مئات الآلاف من اللاجئين منذ اندلاع الصراع .
لقد جاءت كلمات الرؤساء المشاركين في القمة خلال الجلسة الافتتاحية التي عقدت برئاسة الرئيس السيسي وما جاء في البيان الختامي للقمة يؤكد في مجمله على ضرورة الاحتكام لصوت العقل ووقف إطلاق النار والدخول في حوار بناء يحقق استقرار السودان .
إن الوقت ليس في صالح السودان وكل يوم يمر دون التوصل إلى حل للأزمة يكلف الشعب السوداني المزيد من الدمار والخراب بل وربما الانزلاق الى حرب أهلية شاملة تقضي على مستقبل هذا البلد .
المؤكد أن طوق النجاة الذي ألقته مصر اليوم بتجرد معهود،وبمسئولية تاريخية سعيا لإنقاذ هذا البلد الشقيق يمثل فرصة كبرى أمام المتنازعين لاسكات البنادق والانخراط في حوار وطني مسئول لبناء سودان جديد ينعم بالتنمية والاستقرار والازدهار.
علي محمود – “بوابة الأهرام”