تنسيقية المقاومة تمنح السوداني فرصة أخيرة لإخراج القوات الأميركية
فرصة أخيرة .. هو عنوان المهلة لإخراج القوات الأميركية من البلاد، ومتوعدة واشنطن بإعادة العمليات العسكرية في حال تنفيذ تهديدها باستهداف أحد “قادة الفصائل”. وذلك بعد أن منحتها جماعة مسلحة تطلق على نفسها اسم “تنسيقية المقاومة العراقية”، وتتألف من عدة فصائل مسلحة حليفة لطهران، حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
وتشهد الساحة العراقية حالة من الهدوء الأمني غير المسبوق بين الفصائل المسلحة الحليفة لإيران والقوات الأميركية في العراق، بعد توقّف عمليات القصف واستهداف المصالح الأميركية منذ ما يزيد على 8 أشهر. وتُعد فترة التهدئة هذه الأطول منذ مقتل قائد “فيلق القدس” الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس “هيئة الحشد الشعبي” أبومهدي المهندس بغارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي مطلع يناير 2020. وذكر بيان “تنسيقية المقاومة العراقية” مساء السبت، “في ظل التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية الأخيرة التي عصفت بالبلاد، تؤكد الهيئة التنسيقية أن دورها كان وما زال ينصبّ في تغليب مصالح شعبنا الحبيب والتمكين من خدمته، وإدراكاً منها لخطورة تلك المرحلة وضرورة تجاوزها، كان من ضمن إجراءاتها (إيقاف العمليات العسكرية ضد الوجود العسكري الأميركي) داخل العراق”. وأضاف أن “ذلك يجب ألا يفهم منه أنه القبول باستمرار هذا الوجود غير الشرعي وغير القانوني والمنتهك للدستور العراقي، وإننا لسنا غافلين عن تعنت الأميركان بطغيانهم والتدخل السافر في شؤون البلد وهتك سيادته”. وأكدت الهيئة ان “استمرار وجود القواعد العسكرية والقوات القتالية والطيران العسكري بما فيه المسير التجسسي، مضافا إلى الدور التخريبي الذي تقوم به سفارة الشر الأميركية في إشاعة الرذيلة والانحراف الاخلاقي والاستهداف المستمر والمركز للهوية الثقافية العراقية بقيمها ومبادئها وتقاليدها الأصيلة، والمساعي الخبيثة للتحكم بحقوق العراقيين وحرمانهم من الخدمات الأساسية وفي مقدمتها توفير الطاقة الكهربائية لأبناء شعبنا، بالإضافة إلى التهديد الأميركي الوقح باستهداف أحد قادة المقاومة، يحتم علينا القيام بواجبنا الشرعي والوطني بالرد المناسب، إذا ما استمرت هذه الانتهاكات”.
وتابعت أن “الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية وبناءً على الجهود التي تروم الحكومة العراقية القيام بها، فإنها تمنح فرصة أخيرة للحد من هذه الانتهاكات، وليعلم الجميع ان لصبرنا حدود، ولكل فعل رد فعل، وقد أعذر من أنذر”. وكانت قناة “صابرين نيوز” المرتبطة بجماعة عصائب أهل الحق قد أعلنت على تطبيق التلغرام، مؤخرا نقلا عن مصادر عراقية وصفتها بـ”المطلعة”، وجود خطة أميركية لتصفية أحد قادة الفصائل العراقية. وأفادت القناة بأن السفيرة الأميركية لدى العراق، إلينا رومانسكي، أعلنت لبعض الاطراف السياسية في هذا البلد، بأن واشنطن قد تستهدف قادة الفصائل وعلى رأسهم أكرم الكعبي الأمين العام لحركة النجباء المنضوية في الحشد الشعبي بسبب الهجوم على مصالح الولايات المتحدة، وتهديده بأنه لن يسمح لها بأن تتصرف كأنها قيم ووصي على العراق. وذكرت أن تهديد الكعبي جاء عقب تصريح للسفيرة الأميركية في مقابلة صحافية، قالت إنن الولايات المتحدة لن تغادر أبدا منطقة غرب آسيا. وأكدت أن الشعب العراقي لا يريد الحشد الشعبي، واصفة هذه القوات الخاضعة لإشراف رئيس الوزراء باعتباره القائد العام للقوات المسلحة في العراق، بأنها مجرد ميليشيات.
وتوجد القوات الأميركية في ثلاثة مواقع رئيسية في العراق، هي قاعدة “عين الأسد” الواقعة على بعد 130 كيلومتراً من مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار غربي البلاد، وقاعدة “حرير” شمال أربيل، ضمن إقليم كردستان العراق، إلى جانب معسكر “فيكتوريا” الملاصق لمطار بغداد، الذي توجد فيه وحدة مهام وتحليل معلومات استخبارية. وتحوي السفارة الأميركية وسط بغداد قوة صغيرة خاصة مكلفة حماية السفارة والبعثة الموجودة فيها. ولم تعلّق الحكومة العراقية على بيان الفصائل المسلحة، لكن يبدو أن تهديدها باستهداف القوات الأميركية في العراق بعد هدنة طويلة، يكشف عن وجود خلافات بين تلك الفصائل وبعض الأطراف في الإطار التنسيقي مع رئيس الوزراء العراقي. ويأتي هذا التهديد بعد أسبوع من زيارة قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني بغداد حيث حثّ حكومة السوداني على دفع الأموال الإيرانية لدى العراق والتي تتجاوز قيمتها 10 مليار دولار أميركي، وطالب قاآني السوداني بالإسراع بتسديد الديون. وتقلل أوساط سياسية عراقية من شأن تهديدات الميليشيا المسلحة، معتبرة أنها لن تتعدى نطاق تويتر الذي نشرت عبره تلك الفصائل بيانها، وأن هدفها الضغط على واشنطن وعلى السوداني وحكومته. ويقول المراقبون إن لجوء الفصائل المسلحة إلى بيانات التهديد بدل الصواريخ لن يخرج عن كونها تريد أن تثبت وجودها في الساحة السياسية، فهي في حال هدنة بعد انضمامها للحكومة التي شكلها الإطار التنسيقي، وبالتي فالمكاسب التي يمكن تحققها داخل الحكومة أكبر مما تحققه من استهداف المصالح الأميركية وقواعدها. ويشير هؤلاء إلى هذه الميليشيات المسلحة التي تعتاش على الابتزاز السياسي يبدو أنه تسعى من خلال بيان التهديد إلى احراج السوداني للحصول على مكاسب معينة، فالإطار التنسيقي يدرك أن أي تصعيد ضد المصالح الأميركية في العراق لن يكون في صالحه، وقد يدفع واشنطن إلى اتخاذ ردود أفعال تكون تداعياتها سلبية على الوضع في العراق.
“صحيفة العرب”