خالد عثمان الفيل: حالة من العجز التام من الفعل والتفكير، لم يساعدني في الخروج منها إلا
على المستوى الشخصي، كانت ولا زالت فترة الحرب الحالية من أسوء فترات التشتت الذهني وتفرق الهموم وتعددها. حالة من الشلل الذهني والفعلي حول ما حدث وحول ما يجب أن تفعله، حول ما خسرته بالفعل وحول ما يمكن أن تخسره في أي لحظة. سنوات من الجهد والوقت والتخطيط والمدخرات والممتلكات (الملموس منها وغير الملموس)، كلها أصبحت هباءً منثوراً بحسب تصريفات القدر، وأنت في كل ذلك في حالة ترقب والانتظار المستمر فقط!
حالة من العجز التام من الفعل والتفكير، لم يساعدني في الخروج منها إلا آيات من سورة الليل يقول فيها المولى عز وجل: “فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى”، يخبرك القرآن بأن المبادرة والفعل هي أفضل طريقة للتعامل مع أسئلة المستقبل والأقدار؛
لا تشغل نفسك بسؤال ما سيحدث في المستقبل وما سيحدث فيه وهل ستكون صالحاً أو طالحاً، غنياً أم فقيراً؛ يخبرك القرآن بأن ما تفعله “الآن وفوراً” في مساحات الحركة المتاحة لديك هو ما سيحدد المستقبل ونتيجة الأقدار. لذلك ففي مثل هذه الأوقات العصيبة من الضبابية والتشتت، لا تشغل نفسك بما لا تستطيع التأثير فيه، وابحث عن مساحات العمل والفعل على المستوي الشخصي والمجتمعي، ومتي ما وجدتها بادر مباشرة للفعل ولا تتردد. في التأثير على المستقبل والواقع، لا يهم ما تشعر به ولا ما تخشاه وتحذره، ما يهم حقيقة هو ما تفعله الآن وفوراً!
يقول العلامة محمد محمد أبو موسي: ” عليك أن تنجز أجلَّ الأعمال في أسوأ الأزمان؛ لأن أسوأ الأزمان لن تتغيَّر إلا إذا أنجزت فيها أحسن الأعمال، ولأن الزمن السيئ لو جعلك سيئًا فسوف يستمرُّ السوء. اقطع نِياط الزمن السيئ بأن تنجز فيه أعمالاً كريمة، لا تَعِشْ تبكي على الأطلال؛ لأن الذين بكوا على الأطلال ماتوا وبقيت الأطلال أطلالاً. دموع البكاء على الأطلال لم تُحْي طللاً، وإنما العزيمة الحذَّاء هي التي تُغيِّر، ليس البكاء ولا الشكوى ولا النُّواح، وإنما الحَزْم القاطع، والعَزْم القاطع، والإنجاز القاطع”.
خالد عثمان الفيل