رأي ومقالات

إبراهيم عثمان: عرمان إذ يذم البنادق !

عندما أقرأ لياسر عرمان مقالاً يبدأه بالكذب منذ العنوان ( بنادق أبريل خصماً على الدولة والثورة والسياسة )، أعني الكذب النابع من مناقضة العنوان لتاريخ الرجل، أتأكد أن ما تحت العنوان سيكون حشداً ركيكاً لأكاذيب الرجل المكرورة، وقناعاته المريضة التي لا يمل من الزعم بأن الأحداث تسير وفق مسطرتها، وأن الأقدار لا تتنزل إلا للمصادقة عليها . فهذا الذي يعطي الشعب السوداني محاضرة في جناية البنادق على الدولة هو ذاته الذي قطع دراسته الجامعية ليلتحق بحملة البنادق، وإذا أردنا تعريف شخصه تعريفاً دقيقاً، فلن نجد تعريفاً أصدق من أنه ( الرجل الذي ظل منذ بواكير شبابه حتى شيخوخته يرى أن الحل في البنادق ويدين لها بأنها صانعة اسمه) .. لقد ظل لهذا السبب يتنقل من معية جنرال محارب إلى آخر : قرنق، سلفا، الحلو، عقار، حميدتي .. إذا أردنا التأريخ لبداية التلاسن وتحدي الدعم السريع للجيش، وبداية حشده لقواته في العاصمة استعداداً للانقلاب، سنجد أنه يتزامن مع اقتراب عرمان منه، وحديثه عن عديد قواته الذي يفوق المائة ألف، وعن مصالحه العسكرية والسياسية والاقتصادية التي يجب أن تُرعَى، وتلويحه بالحرب : ( العملية السياسية هي العملية الوحيدة التي تتسم بالسمو والسماحة، وتخريبها يدخل السودان في معادلة صفرية )، لكن يجب الاعتراف بأنه كان أقل خفةً وأكثر حذراً من شوقي عبد العظيم ومحمد الفكي وكمال عمر وبابكر فيصل وجعفر حسن، وغيرهم، فقد تجنب كلمة الحرب واستخدم تعبير “الخيار الصفري”، لكن خانه ذكاؤه وهو يربط بين حرب الدعم السريع في العاصمة و( حروب الريف ) المقدسة عنده ، في مقال مخصص أصلاً لتبرئة الدعم السريع وتحميل مسؤولية الحرب لخصومه السياسيين … هل كان عرمان سيكتب عن خصم بندقية حميدتي من الدولة والثورة والسياسة إن كان انقلاب انقلابه قد نجح ؟ أجزم بأن هذا ما كان ليحدث خاصةً وأنه في مقدمة مقاله يقول – بقليل من المواربة والتلاعب اللفظي – إن حرب الخرطوم كانت حرباً مؤجلة ومشرعنة باختلالات تاريخية في مركز السلطة، وفي خاتمته يقول أنها حرب ضد خصومه السياسيين … يقيني أن الدولة ستقترب أكثر من السلامة مما تخصمه البنادق عندما يعجز عرمان عن إيجاد جنرال جديد ليحرضه على استخدامها، ولعل نهاية التمرد ستؤذن للدولة بهذا الاقتراب، وستفجع عرمان بهذا العجز .

إبراهيم عثمان