القوات المسلحة لم تتعمد هذه الحرب، ولكن!!!
ان معركة الكرامة الوطنية التي تخوضها القوات المسلحة الآن ضد قوات وفق التوصيف القانوني انها قوات (متمردة)، ازاحت الستار عن الكثير من حالات اللبس، والغموض، والضبابية، واوضحت بجلاء الحقائق، والاستهبال السياسي الذي ظلت تمارسه جماعات بعينها ضد الدولة بإسم الشعب السوداني.
ان الخطوة التي اتخذتها القوات المسلحة في التصدي للعدوان الغادر الذي تعرضت له البلاد اثبت مدى حكمة واحترافية المؤسسة العسكرية في التعاطي مع المخاطر والمهددات التي تواجه الوطن.
وقد تمكنت القوات المسلحة من خلال هذه الخطوة الكشف عن فصل جديد لمشروع الخيانة الوطنية الذي ظلت تمارسه تلك الجماعات، منطلقة من منصات ذات انتماءات عرقية ضيقة لا تمد للقوات المسلحة كمؤسسة وطنية وقوميتها بصلة.
ومن يقرأ حيثيات الامور مقرونة بالوضع الراهن يجد ان القوات المسلحة لم تتعمد الدخول في هذه الحرب، ولكنها فرضت عليها، وهنا قد يدور سؤالا في اذهان البعض، بالرغم من ان الاجابة عليه مكشوفة، وظاهرة للعيان، اذا اخذنا في الاعتبار تلك الاصوات التي علت في الساحة السياسية السودانية مؤخرا بزعم الديمقراطية والمدنية، اي مدنية او ديمقراطية تدعون ان تأتوا بها بفوهة البندقية وانتم تلوحون بقوة التهديد، واضعين العقدة في المنشار بخيارات (اربع) من بينها الحرب.
وقد جرت هذه الامور في حين غفلة استقل فيها اعداء الوطن مرونة المؤسسة العسكرية في التعاطي مع شؤون البلاد في ظل ظروف صعبة، وواقع معقد فرضته ثورة ديسمبر التي تركت الباب مواربا، ليس لولوج الفضوليين او الانتهازيين حاملي الاجندات والتدخلات الاجنبية فحسب، بل انها تركته مواربا لكل جهد وطني خالص يقود البلاد نحو مرافئ الامن والاستقرار وآفاق التنمية والازدهار.
مع كل فإن المتربصين لم يتركوا البلاد وشأنها، بل ظلوا يكيلون لها بكل ما اتوا من قوة لتمرير اجندات خفية مقبوضة الثمن لصالح دول بعينها هدفها الاساسي اضعاف المؤسسة العسكرية حتى تكون مدخلا للنيل من البلاد ونهب ثرواتها وخيراتها التي ظلوا يخططون لها منذ امد بعيد.
وبالرغم من تعقيدات المشهد، وتعدد الجبهات والمسارات، الا ان القوات المسلحة تمكنت من ادارة هذه الازمة والتعامل مع العدو باحترافية، آخذة في الاعتبار كل التحوطات والسيناريوهات وضبط خطوط النيران في مواجهة العدو والتصدي له بصلابة وتوجيه الضربات الموجعة له وتكبيده خسائر فادحة الارواح والعتاد، مع الحرص على تقليل الخسائر وسط المدنيين وممتلكاتهم والبنى التحتية للدولة.
كل المعطيات ومجريات الاحداث على الارض وبشهادة الخبراء الاستراتيجيين في الشأن العسكري والسياسي، والمراقبين بأن الامور باتت تحسب لصالح القوات المسلحة، وذلك ليس لاعتبارات ضيقة او كما يظن البعض، ولكن تلك هي الحقيقة الماثلة التي لا ينكرها الا مكابر، وصاحب العقل يميز، مليشيا في مواجهة مؤسسة عسكرية بحالها، مؤسسة عمرها ناهز المائة عام، ناهيك عن خبراتها التراكمية وكونها واحدة من مؤسسات الدولة وجيشها الوطني.
اذا ان المجال الآن بالنسبة لكل سوداني لا يحتمل حيادا، لأن الامر اصبح امر وطن، بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، بل انها مسألة اما ان يكون السودان او لا يكون، وان ما تقوم به القوات المسلحة في مواجهة هذا التمرد هو واجب وطني يجب على جميع ابناء السودان التداعي لوحدة الصف الوطني ونصرة القوات المسلحة وتأمين ظهرها لاعادة الامور الى نصابها لأجل الحفاظ على وحدة وتماسك الوطن وتفويت الفرصة على الاعداء.
بقلم: عيسى المهدي