حيدر المكاشفي يكتب: كفاية لولوة..يا أبيض يا أسود
الرسالة مودعة في بريد الطرفين، بريد موقعي الاتفاق الاطاري، وبريد البرهان وجماعته الذين يتعاملون مع الاتفاق الاطاري على طريقة (كراع جوة وكراع برة)، وطريقة (لا بريدك ولا بحمل بلاك)، فالبلاد الآن باتت على شفا حفرة من الانهيار التام في كل المجالات، ولم تعد تحتمل هذا الوضع الكارثي، بل ان ميزانية جبريل انهارت تماما، وعجزت حتى عن دفع المرتبات، فتراكمت استحقاقات ثلاثة شهور على موظفي وعمال الدولة المساكين، وصار كل يوم يمر مع هذا الحال يحمل معه سؤا اكثر من سابقه، وضاق الحال بعامة الناس لحد الانفجار، ولكل هذا لم يعد هناك من خيار لانقاذ البلاد والعباد من هذا المصير الاسود، سوى ان يتم تجاوز هذا الوضع السوداوي، اما بالمضي حثيثا بالعملية السياسية حتى نهايتها، أو بانقلاب جديد يزيد الوضع سودا وكارثية لن يبقى للسودان بعدها أثرا، ولكن للأسف ما زالت (اللولوة) حاضرة والمناورة ولعبة القمرتية المسماة ملوص، ممارسة على أشدها من قبل البرهان وتوابعه، بهدف تمييع الأوضاع واللعب على عامل الزمن لأطول مدة، لدرجة ان قوى الحرية والتغيير ضاقت ذرعا بهذه الاعيب واساليب التلات ورقات، واصدرت بيانا أكدت فيه أن العملية السياسية تظل خيارا مفضلا لها، لكنها شددت على أنها إذا تعثرت بالعراقيل المختلفة التي يضعها الفلول أمامها، فإنها بالمقابل ستطور خيارات بديلة، مع ان العراقيل والمتاريس التي دأب البرهان وجماعته استخدامها لاعاقة أي فرصة حل تلوح، تكررت كثيرا منذ ما قبل انقلابه المشؤوم وما زالت مستمرة حتى اليوم، فقد كان البرهان وجماعته كلما تقدم الناس خطوة باتجاه الحل لانهاء الانقلاب واستعادة المسار المدني الديمقراطي، أعادوهم خطوتين للوراء بمثل هذه العراقيل المصنوعة،الامر الذي يكشف ان البرهان ومجموعته غير جادين في الوصول للحل، ويعملون بطرق فهلوية لاستدامة أوضاعهم ومصالحهم التي حصلوا عليها بالانقلاب..
أما من جهة قوى الحرية والتغيير وموقعي الاتفاق الاطاري، فانهم ايضا (يتلولون) ويتلكأون في حسم الأمور بعد ان تبينت لهم لولوة وتمحرك البرهان وجماعته، بل صاروا للأسف يتماهون مع هذه اللولوة ويسايرونها الى ما لا نهاية، وهم بذلك يستديمون بقاء هذا الوضع الرمادي الذي لا يستفيد منه سوى الفلول والبرهان، فيما كان الواجب يحتم عليهم وضع حد لهذا التكتيك اللولبي الذي يشتغل عليه البرهان ومن هم خلفه وامامه ايضا، وذلك بوضع حد فاصل وتوقيت نهائي لا تراجع عنه ولا تعديل فيه، ليتبين بعده الخيط الابيض من الخيط الأسود، فاما عملية سياسية الى نهاياتها بلا عراقيل ومتاريس، أو لا عملية، اما هذا الحال الهلامي الزئبقي فلن يوصل الى شئ له أية علاقة بالثورة واهدافها وشعاراتها، فلا خيار لهم مع هذا الوضع غير اعلان الانسحاب من العملية السياسية والعودة الى الشارع الثوري..و..يا ابيض يا اسود ولا مكان للون الرمادي..
صحيفة الجريدة