إسحاق الحلنقي.. الممازجة ما بين نظرية (الكم والكيف)
(1)
الحلنقي اسم له طعم خاص .. ورنين يختلف عن كل الأنغام .. فهو لا يحتاج لتعريف .. ولا ينبغي لي أن أدخل في هذه المتاهة الكبيرة .. وبالإشارة لأغنيات مثل بتتعلم من الأيام وعصافير الخريف وأعز الناس وأقابلك كافية جداً للتعريف .. لأن أغنياته كلها كانت هي بطاقته الشخصية ..والعدد المهول من القصائد الغنائية التي كتبها الحلنقي يؤكد على إنه شاعر بحساب القيمة الفعلية للشعر .. وقصائده المنتشرة في كل الحناجر تنافى نظرية (العدد) التي تنتفي منها الجودة أحياناً .. ولعل خلود الحلنقي كشاعر يكمن في الممازجة ما بين نظرية (الكم والكيف) .. ولعله يمثل حالة نادرة من الإجماع عند شعب لا يعرف أهله الإجماع والاتفاق على شخصية محدَّدة .. وهو استطاع أن يكون ملهماً لمعظم الفنانين الكبار.. وأغنياته التي كبتها تمتلك خاصية البقاء والخلود وهي ليست أغنيات عابره تزول وتنهي بتقادم السنين .. ولذلك أصبحت أشعاره وأغنياته تتعتق كلما مر عليها الزمن وتزداد قيمتها الوجدانية والتاريخية.
(2)
إسحاق الحلنقي لا يحتاج مني لحروف ثناء .. ولو استجلبت كل لغات العالم لأكتب سأجد أنني ظلمته وقبلها ظلمت نفسي .. وكل حرف نكتبه عنه نحس بأنه قاصر وعاجز ولا يطول قامته الفارعة وفي دفتر أغنيات كل فنان سوداني تجد توقيع الحلنقي حاضراً وبأغنيات ذات طعم ولون مغاير .. ولكني هنا تحديداً أتوقف في تجربته الإبداعية مع الموسيقار العظيم محمد الأمين والتي أنتجت ثلاث أغنيات هي (بتتعلم من الأيام .. وعد النوار .. غربة وشوق) وكلها أغنيات ناجحة ومنحوتة في وجدان الشعب السوداني السوداني بسبب تكامل العناصر الجمالية من حيث النص الشعري والألحان المتجاوزة والمختلفة والأداء العالي لمحمد الأمين .
(3)
وكل ما ذكرته أعلاه هو من البديهيات والمسلمات .. ولا ينبغي لي التوغل أكثر في الشروحات الجمالية في العلاقة الغنائية ما بين محمد الأمين والحلنقي ..فهي علاقة ذات جذور على المستوى الإنساني والإبداعي .. رغم أن هذه العلاقة أصاب جدارها بعض الخدوش والجراح في الفترات الأخيرة بسبب مطالبة الحلنقي بحقوقه المادية نظير حق الأداء العلني في الحفلات الجماهيرية.
صحيفة الصيحة