تحقيقات وتقارير

زيادة تعرفة المياه .. تزايد حجم المعاناة

وسط غموض كبير يسيطر على الأوضاع المعيشية والاقتصادية، لا زالت تزداد معاناة المواطن بوتيرة متسارعة، هذا بما تعكسه دور المرافق العامة التي تقع عليها مسؤوليات إدارة الموارد بشكل مباشر، وفي مطلع مارس أظهرت هيئة مياه ولاية الخرطوم قائمة تحتوي على زيادات كبيرة في رسم المياه الشهري، الأمر الذي بات يهدد معاش الناس بشكل واضح، أي ما قد يزيد من تفاقم الأزمة الاقتصادية الراهنة، بما يضاعف ذلك من صعوبة في المعيشة لدى المستهلك البسيط، هذا فوق ما كان يتحمله في ظل الإصلاح الاقتصادي الذي أوصله إلى حد الفقر.

موارد مالية

وكانت هيئة مياه ولاية الخرطوم قررت زيادة فاتورة للمياه بداية مارس الجاري، وقالت الهيئة إن استمرارية خدمة المياه في الولاية تتطلب موارد مالية ضخمة لاستدامة الخدمة والارتقاء بها.

وأخبر المدير العام للهيئة مهندس مستشار محمد علي العجب، في بيان صحفي، أن الزيادة التي طرأت في التعرفة اقتضتها تكلفة التشغيل العالية، فضلاً عن تكلفة مدخلات صناعة المياه ومواد التنقية والتعقيم وقطع غيار المحطات، مبيِّناً أن التعرفة أخضعت لمشاورات عديدة مع حكومة الولاية ومجلس السيادة إلى أن توصلت للتعرفة التي طرحت اليوم، مبيِّناً أن التعرفة الجديدة أقل بكثير من تكلفة إنتاج سعر المتر المكعب من المياه، وقال: إن الهيئة راعت الأوضاع الاقتصادية للمواطن، منوِّهاً إلى أنه لابد من الزيادة أو تتعثر الخدمة، كاشفاً عن زيادة الفئة الثالثة إلى 1000 جنيه، والثانية إلى 1500 جنيه، والأولى إلى 5000 جنيه، مشيراً إلى أن التعرفة بوضعها الحالي لا تفي بمتطلبات التشغيل الفعلية، لافتاً إلى أن الهيئة رغم الزيادة في انتظار الدعم الاتحادي لتغطية العجز، منوهاً إلى أن الهيئة بحاجة إلى موارد مالية ضخمة لتحسين خدمة المياه بالولاية استياء وتذمراً.

السوق الحر
الباحث الاقتصادي الدكتور، هيثم محمد فتحي، معتبراً أن الزيادة الجديدة مرتبطة بزيادة أسعار المواد المستخدمة في تنقية المياه باعتبار أنها تستورد من الخارج، وعزا ذلك زيادة أسعار الكهرباء و كذلك تهاوي قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، ويرى أنه كان لابد من زيادة تدريجية على تكلفة الخدمة لتحسين استرداد التكاليف المترتبة عليها هذه الزيادة في التعرفة، مشيراً إلى أن بذلك أضحى المواطن يدفع نسبة عالية من دخله مقابل استهلاك المياه في شتى استخداماتها، وكان في السابق هناك أشياء مسلم بها؛ مثل أن الخدمات والمرافق الأساسية حقوقًا للمواطنين تقدِّمها الدولة بمقابل رمزي وتغطي تكلفتها موارد الدولة الضريبية وغير الضريبية أصبحت الآن، منوهاً إلى أن الأمر أصبح علاقة جديدة تحكمها قواعد السوق الحرة وحساباته الربحية وتفاعل قوى العرض والطلب، بهدف تحسين الكفاءة والاستدامة وتقديم خدمة العملاء بمستوى أكثر احترافًا، وقلل من القدرة على تمويل المعدات والبنية الأساسية اللازمة للمشروعات، وتخطى عقوداً من الفشل البيروقراطي في توفير هذه المعايير.

معدل الاستهلاك

وتابع د. هيثم عبر حديثه ل(اليوم التالي).. لا ترى أي معدل واضح وشفاف للاستهلاك في الفاتورة الشهرية فهي ثابتة ورسومها بتصنيف العقار ودرجاته المختلفة، فالارتفاع والانخفاض الذي يحدث في كميات استهلاك المياه ليس معياراً لتحديد معدل الفاتورة ارتفاع استهلاك المواطنين للمياه ترتفع حسب الاستهلاك، لاسيما أن فصل الصيف يختلف عن الشتاء في استخدام مياه الشرب، وأردف بالقول، إن زيادة أسعار المياه سترفع كلفة الإنتاج، كما سترفع قيمة فاتورة الاستهلاك المنزلي و التي تأثرت سلبًا بالزيادات الأخيرة في العديد من السلع خاصة السلع الأساسية، وبحسب ترجيحاته د. هيثم، أنه كان من الأنسب تأجيل القرار مراعاة للبعد الاجتماعي وعدم تحميل المواطن مزيداً من الأعباء على كاهله فى ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية حتى لو كان هناك مبرر اقتصادي من نقص موارد الدولة وزيادة نفقاتها، ونوه إلى أن هذه الزيادة في أسعار المياه ستؤدي حتماً إلى زيادة معدل التضخم وإن كانت الزيادة محدودة، إلا أن هذه الزيادة ناتجة عن أثر مباشر وهو رفع أسعار المياه للاستهلاك المنزلي وشرائح المجتمع المختلفة سيما في أماكن الإنتاج والصناعات والمحال التجارية.

الخرطوم: علي وقيع الله
صحيفة اليوم التالي