تسمين الفئران من جثث الإنسان
# تصريح منشور ومتداول بكثافة عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وعنوانه العريض -قبحًا ودمامةً وبؤسًا كعرض ما بين السموات والأرض- يؤكد موت الضمير والأخلاق والقيم الإنسانية في النفوس.
# بل وفي ذلكم التصريح القاتل والقائل بأن: (الفئران شحمت من جثث الإنسان) فإنه يموت الإنسان ذو الضمير الحي في كل مرة ما بين مفردة فيه وأخرى بل بالأدق يموت آلاف المرات ما بين حرف فيه وآخر.
# والأماني السراب ولأكثر من مرة تطالع العنوان المقتبس من نص تصريح مدير الطب العدلي بجمهورية السودان الديمقراطية حتى تكذب عينيك بأن ما حوته أحرف كلامه وما قرأته فيها هو غير صحيح على الإطلاق.
# لكن تتيقن في آخر مطاف محاولاتك الفاشلة وبعد عدة نظرات تكذيبية بأن ما كتب في متن الخبر لا لبس فيه ولا غموض كما أنها ليست مكتوبة بحسب ما متبع أحيانًا في الإعلام من أجل الإثارة وإضافة المنكهات.
# عفوًا وإن كانت المنكهات ليست موجودة في الخبر لكنها متوفرة -بحق وحقيقة- للفئران وهي تختار الامتصاص لصديد الدماء المتجمدة أو السائلة مع القضم لسائر أعضاء الجثث المتوفرة لها وقتما تريد وكيفما تريد.
# إذًا فهذا الخبر المشؤوم يجيء بعد الإهمال للجثث بالمشارح والتي لا يوجد فيها تبريد ولا ثلاجات منفصلة لحفظ الموتى وقبل كل ذلك فقد تنعدم فيها الكهرباء المشغلة لها بالصورة المطلوبة والواجبة.
# فأي هوان وصل بنا الحال بأن تصل المشارح لمجرد مخازن أرضية فقط “تكوم” فيها الجثث كما البضائع بينما بعض مخازن البضائع تجهز فيها “الرفوف” لتوضع فيها منفصلة بحسب أصنافها ومع وجود الكهرباء فيها.
# وهنا نسأل كل مسؤولي الوطن وفي أي مجال كان سياسيًا أو اقتصاديًا أو اجتماعيًا وقبل كل هؤلاء صحيًا أو عدليًا فعندما يسمع أو يقرأ مثل هذه الأخبار فكيف يهنأ له أن تلتقي جفون عينيه من أجل أن ينام.
# أم أن كل من حكم أو يريد الحكم لهذا البلد فهم تواصوا بالظلم وتواصوا بالانتقام من مواطنيه إذ إن جميعهم ما قدموا ولن يقدموا ما يستطيعون أن يكرّموا به مواطنيه سواءً أكانوا أحياءً أم أمواتًا.
# ولن نفصّل في كيفية عجزهم عن الإكرام لمواطنيهم الأحياء فهذا صار من المعلوم بالضرورة ويوضحه الواقع أكثر وجميعهم لا يوفرون لهم أدنى حقوقهم في مقومات العيش الكريم ولو ماتوا بسبب المطالبة بذلك.
# أما في الأموات منهم وإن كان إكرامهم دفنهم فحتى هذه عاجزون فيها ليجعلوهم وبالسنوات -وليس بالأيام- مجرد وليمة مكشوفة الغطاء -ولعدة مرات- تنهشها الفئران متى يقرصها الجوع وتتركها متى يتخمها الشبع.
# إذًا فهم وبهذا البوفيه المفتوح يجعلوها تعاود وبالتخيير من أكل جثث الطعام الآدمي والمخزنة بالسنوات حتى شحمت لحمًا وعظمًا ومن ثم تناسلت بأعداد كبيرة بحيث لم تعد تجدي معها كل سموم القتل والإبادة.
# المؤلم أخيرًا وليس آخرًا أنه وبعد مضي كل هذه السنوات العديدة من الإهمال لتلك الجثامين تكاد تطير فرحًا المواقع الإخبارية نفسها وهي تبشّر بقرب وصول فريق طبي “أرجنتيني” لتشريح تلك الجثث ومن ثم دفنها.
# ونوضح بأنا لن نتضامن معهم فرحًا وبالعبارة أن تأتي متأخرًا خير من أن لا تأتي لكنا نقول للدولة -إن كانت موجودة فعلًا- كان من الأجدر بها أن تأتي هي مبكرًا وذلك خير من أن يأتي غيرها متأخرًا.
هذا والله المستعان. سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.
صحيفة الانتباهة