صفاء الفحل تكتب: شباب لا يعرف التراجع
أمس كان يوماً آخراً مشهوداً في مسيرة الثورة حيث خرج الشباب على مستوى المدن الثلاثة وبعض مدن الولايات لتكرار مطالبتهم المستمرة بخروج العسكر تماماً من السياسة وقيامهم فقط بالمهام الموكلة إليهم حسب القانون مع قيام دولة مدنية خالصة وكالعادة قابلت السلطة العسكرية تلك المطالب بالقمع المفرط مع استشهاد ثائر وإصابة بعض الثوار ونتوقع أن تتجاهل سلطة الانقلاب ذلك وتخرج ببيان عن إصابة عدد من العسكر وإحراق آليات وهي ما تعود عليه الشعب عقب كل احتجاجات.
تأتي هذه الاحتجاجات وسط حراك آخر تقوم به السلطة الانقلابية كسباً للزمن بالدوران حول كذبة (الاتفاق الاطاري) والصراع المفتعل بين رأسي الدولة حول تمدد النفوذ لتعلن بأن الثورة لن تتوقف مهما اكتست ساحة الانقلاب بمحاولات التمويه في اطار البحث عن مداخل لكسر شوكة الثورة بكافة الطرق .
مشكلة لجنة البرهان لا تكمن في ترويض الاحزاب السياسية والتلاعب بها بل في هؤلاء الشباب اللذين علمتهم تجربتهم القصيرة العميقة بالدراسة واستلهام عبر التاريخ والثورات السابقة عدم الثقة في المؤسسة العسكرية او الاحزاب السياسية التقليدية والتي تتفاوض باسمهم حتى اليوم .
القوي السياسة التي تضع يدها في يد اللجنة الامنية الانقلايية وتشاركها التفكير في كيفية ايقاف هذه المد الثوري الذي فشلت كافة الطرق والاساليب لإيقافه ستندم كثيراً على مواقفها التي تحاول تبريرها بإيقاف نزيف الدم وان الانتقال لابد له من مائدة تفاوض عندما تكتشف بأن العسكر لم تكن لهم النية في اعادة السلطة المدنية او أنها تعمل على اقامة سلطة مدنية ضعيفة تعيش تحت قبضتها.
بقراءة متأنية للأحداث منذ انقلاب الخامس والعشرين يتضح بان كل ما يدور اليوم في الساحة السياسية ما هو إلا مراوغة من السلطة الانقلابية لإعادة احكام سيطرتها على مفاصل الحكم ثم الضرب بعنف على كل المعارضين وهو ما فعله انقلاب الكيزان في سنواته الاولى بمداهنة كافة القوى السياسية والشارع حتى قوى عوده وتحول الي كابوس استمر لثلاثين عاماً.
التحية لشباب المقاومة اللذين لم يفتر ايمانهم في بناء دولة الحرية والسلام والعدالة رغم القتل والسحل والخيانة والمؤامرات وقناعتهم بضرورة (كنس) الساحة تماما من اثار الماضي البغيض فهم الامل الوحيد المتبقي لهذا الشعب الصابر لصناعة سودان المستقبل.
والثورة ستظل مستمرة.
والقصاص للشهداء أمر حتمي.
ولا نامت أعين المتخاذلين.
صحيفة الجريدة