النبوءة بنت الخبر
▪️ لا يمكن لمشروع سياسي محكوم بأفق ياسر عرمان، وجعفر حسن، ومحمد الفكي إلا أن يجر البلد خطوات إلى الوراء بأكثر مما فعل في نسخته الأولى، هذا ليس تشاؤماً، ولا هجاءً، هذا هو حديث الواقع، فقد أتانا خبر تجربتهم الأولى، ويجوز لنا أن نقول إن النبوءة بنت الخبر، خاصةً عند من يكررون أفعالهم، بتطرف أكثر، ولا يتغيرون !
▪️من قوة قناعتهم بفشل تجربتهم الأولى اضطروا إلى تجنُّب تكرار معظم دعاياتها ووعودها، وسواقتها، ولم يعودوا يعدون بشيء سوى أن يكون نصيب الشعب مجزياً من المقابل المادي لزيادة معدل تبعيتهم وتسييرهم بواسطة السفارات، التسيير المعترف به من حليفهم الأول الذي لم يردوا عليه بحديث مباشر يتناسب مع هول الاعتراف !
▪️وقد تجاهلوا الإجابة على السؤال : ما الذي يجعل قبض الساسة للثمن السياسي للتبعية أقل حرمةً، وأقل ضرراً، من قبضهم الثمن المادي، بحيث يكون القبض الأول علنياً، والثاني سرياً، أو مرفوضاً ؟
▪️ وتجاهلوا الإجابة على السؤال : وما الذي يجعل استلام الشعب بكامله للمقابل المادي للتبعية، أقل حرمةً وضرراً من استلام المقابل المادي بواسطة الساسة التابعين فقط، رغم ما في الاستلام الأول من تطبيع عام مع التبعية ومع قبض ثمنها؟
▪️ وطبعاً لم يفكروا في أن سؤالاً كهذا يمكن أن يُطرح أصلاً : كيف يمكن لسياسي يقبل لشعبه أن يقبض الثمن المادي للتبعية كربح حلال أن يترفع عن قبض نصيبه من هذا الثمن المادي، وهو صاحب الصفقة الباذل لها وقته وجهده وسمعته والمدافع عن عدم حرمتها ؟
▪️ هذه النسخة الثانية من شدة نزعتها الإقصائية قد جعلت مصيرها في يد المعارضة التي كان توسيع صفها هو أهم عمل لعرمان وجعفر والفكي، بافتراض ساذج، بل غبي، فحواه بأن قدرة هؤلاء المبعدين على الفعل وهم معارضين أقل بكثير من قدرتهم على المنافسة الناعمة وهم مشاركين ومضطرين إلى شيء ٍ من المسايرة !
▪️ سيكون الفشل هو النتيجة الحتمية للنسخة الثانية الأكثر اعتماداً على السرية، ومؤامرات الغرف المغلقة، والأكثر مفارقةً لوجدان الشعب، والأكثر كذباً في دعوى تمثيله، والأكثر تعويلاً على خلافات العسكريين، وعلى انتصار أقلهم نظاميةً، وأكثرهم دفاعاً عن مشروع الإقصاء، وقبولاً بالتسيير الأجنبي، بل وطلباً له !
▪️ إن توفرت لهم القبضة الأمنية الحديدية ونجوا من ثورة في الشوارع ، فسيجدون أنفسهم أمام الثورة الثانية التي يوقنون بحدوثها ويجتهدون لتأخيرها، أعني ثورة صناديق الانتخابات، فهم يعلمون أنه مهما بلغ معدل تحكمهم في الانتخابات وحتى لو كان مساوياً، أو أكثر من تحكمهم في “العملية السياسية”، فلن يكون ذلك كافياً لاستدامة سيطرة الأقليات السياسية .
إبراهيم عثمان