منى أبوزيد تكتب : التّطوُّر الطبيعي لمفهوم الأجاويد..!
“الزواج هو أطول وردية حراسة في التاريخ”.. الكاتبة..!
قبل سنواتٍ، نشرت صحف التي “عندها المِحَن”، خبراً رآه البعض غريباً وطريفاً في آنٍ معاً، بينما وجدته مهماً جداً وجديراً بالوقوف والتمحيص والتثنية. الخبر كان مفاده أن ولاية القضارف قد شهدت افتتاح فرع خاص لمُعالجة ضحايا العلاقات العاطفية وقضايا الهوى والغرام، بمركز القضارف لضحايا العُنف والصدمات والعلاج النفسي. المركز – بحسب القائمين على أمره – يقوم بمعالجة الندوب النفسية الناتجة عن فسخ الخطوبة أو الطلاق وغيرهما، ويُساعد المُقبلين على الزواج في الوصول بسلام إلى بر الاختيار الآمن..!
البيوت السودانية كانت مُغلقة على مآسٍ وبلاوٍ يخفيها شريكا العلاقة عن أقرب الأقربين اتقاءً للقيل والقال، ثم يدفعان بجثة العاطفة الحقيقية قرباناً لإله السترة، ويتشاركان – لآخر العمر – أدوار البطولة المطلقة في مسرحية الأسرة السعيدة..!
لكن الحال تبدّل اليوم بتغير المفاهيم، بعد أن صبأ الأزواج العصريون عن عبادة إله السترة، وحل مسرح العبث محل الأداء التقليدي في مؤسسة الزواج الحديث. ولا تزال علاقات الزواج السودانية في تعثر مستمر، حتى خرجت علينا صحف السنوات الماضية بمثل ذلك الخبر اليقين..!
والحقيقة أنّ نُشوء مثل هذه الأفكار وتفعيل مثل تلك المقترحات التي تعنى بالبناء النفسي في المجتمع يدل على حدوث فعل الانتباه الجمعي الذي يعقب تفاقم الظواهر الخطيرة، وهذا جيدٌ جداً، لكن الأهم من حدوث فعل الانتباه هو النجاح في حصد تجاوب فئات المجتمع المستهدفة بعيداً عن بعض التُّهم التي ارتبطت بمثل هذا النوع من العلاج..!
جيد جداً أن بعض المُختصين بشؤون الأسرة في مجتمعنا قد نجحوا في إنشاء مركز متخصص في الاستشارات الاجتماعية للحد من المشاكل التي تُهدِّد كيان الأسرة السودانية، والتي ينبغي أن يشد من أزرها أن تتم إضافة مقررات تثقيفية للمُقبلين على الزواج إلى مناهج الجامعات، كجزء من الإجراءات الوقائية التي تساعد في الحد من تفاقم حالات العنف الأسري والكدر الزواجي والصمت الزواجي …إلخ.. تلك الأعراض المصاحبة لمتلازمة الوقوف على أعتاب الطلاق، فضلاً عن مشكلات ما بعد النهايات غير السعيدة، وما يحتاجه كل ذلك من دعم نفسي..!
إذن، لا بأس أبداً في استيراد بعض الحلول التي أثبتت جدواها عالمياً كفكرة مستشار الزواج المنتشرة في المجتمعات الغربية مثلاً، مع إجراء بعض التعديلات اللازمة بما يتناسب وخصوصية مجتمعنا المحلي، فلا ضير يذكر من انتهاج بعض التجريب والتغريب في اقتراح بعض الحلول..!
خبير مشكلات الزواج – الذي يدرس كل حالة على حدة ثم يساعد الطرفين على حل المعضلة أو التعايش معها دون اللجوء إلى الطلاق – مثله مثل أي طبيب نفسي يحفظ أسرار الشراكات الزوجية بمُقتضيات ميثاق شرف المهنة، لذا فهو – في تقديري – أجدى نفعاً وأكثر حفاظاً على أسرار البيوت من معظم أجاويد هذا الزمان..!
مني ابو زيد