حيدر المكاشفي يكتب: حوارات الباب الدوار!!
على طريقة (الباب الدوار(revolving door التي صارت سمة بارزة لاجتماعات وانفضاضات مفاوضات مركزي الحرية والتغيير مع ثلاثة من قيادات الكتلة الديمقراطية، التي فشلت حتى الآن على كثرتها التوصل لصيغة حل مقبولة تنهي الأزمة السياسية والاقتصادية المتطاولة، ويتضح جلياً من كثرة تلك الاجتماعات التي انعقدت دون نتيجة على مدى الايام الماضية، أن المفاوضات حول ما سمي إعلان سياسي جديد والاطراف التي ستوقع عليه وبالمنهجية الحالية التي يسير عليها، لن تؤدي الى شئ، سواء جرت هذه المفاوضات بين الطرفين مباشرة ، أو بمشاركة البرهان وحميدتي والثلاثية والرباعية، فالطبيعي في أي مفاوضات ان تقود الى نتيجة مهما تطاولت، الا هذه المفاوضات التي لاتزال مستمرة بلا جدوى، سوى استهلاك الوقت والجهد، لتتحول بذلك الى مفاوضات عبثية لا فائدة فيها ولا طائل منها، بل ربما صارت هدفا في حد ذاتها لأحد الاطراف أو لطرفين هما العسكر ومجموعة الكتلة الديمقراطية، يشترون بها الوقت عبر التسويف والمماطلة، بينما يمضيا قدماً في ترتيباتهما التي أعدها مسبقا ونتج عنها انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر، على انفراد فيما يخص السد، لوضع الاخرين أمام الأمر الواقع، وازاء هذا الوضع الملتبس لم يبق من حل فى تقديرنا سوى اعلان موقعو الاتفاق الاطاري وقف المفاوضات نهائيا والتوجه الى الشارع والجماهير.. فلا أظن أن البلاد شهدت أزمة بتداعيات وافرازات غاية في السوء ووصلت مرحلة ان تنذر بذهاب ريح البلاد مثل الأزمة الماثلة، غير هذه الازمة التي ما تزال تراوح بل تتعقد وتسوء يوما بعد يوم، الأمر الذي يضعها في مقدمة باب غرائب المفاوضات في موسوعة غينس للأرقام القياسية.. ومن كثرة انعقاد وانفضاض مفاوضات حلحلة الازمة وانهاء الانقلاب، بدت وكأنها لعبة يتلذذ بها المتفاوضون كحال طفل غرير يلهو بالباب الدوار يدور معه دخولاً وخروجاَ دون ان يلج الى داخل المبنى، وصارت حكاية بلا نهاية مثلها مثل (حجوة أم ضبيبينة)، وهي أحجية سودانية شهيرة لا نهاية لها، ولهذا درج السودانيون على نعت كل ما هو لولبي وزئبقي وحلزوني لا يعرفون له رأس من قعر، بأنه مثل (حجوة أم ضبيبينة)، وشخصياً لا أعرف حوار يدور بين متحاورين بلا طائل كالذي يحدث في المفاوضات الجارية الآن،
الا ذاك الحوار الذي تقول الطرفة أنه دار بين امرأتين من كبار السن ضعف منهن البصر وثقل السمع، فدار بينهن الحوار التالي، حاجة زهرة لحاجة بتول، كيف اصبحتي حاجة بتول، حاجة بتول ترد على حاجة زهرة، سجمي وافليلي قلتي لي المات منو..حاجة زهرة تعقب، إنتي ماشة السوق، حاجة بتول تعلق، لا أنا ماشة السوق، حاجة زهرة تعتذر، معليش كنت قايلاك ماشة السوق.. مثل هذا الحوارالذي لايلتقي فيه المتحاوران أبدا وكأنهما قضبا سكة حديد، وما يدور حتى اليوم لانهاء الازمة، لم يكن إلا مثل حوار هاتين السيدتين الطاعنتين في السن..
صحيفة الجريدة