بخاري بشير يكتب.. الهرولة نحو الخرطوم!
الايام الماضية شهدت الخرطوم، زيارات كثيفة، لمبعوثين ووزراء خارجية من كافة الجهات، في حالة أشبه بالسباق والهرولة، نحو هذا البلد الافريقي، الذي كان لسنوات عديدة من الدول (غير المرغوب فيها) عند الغرب.. بل ناصبتها عداءً أخذ عدة اشكال، كان اقله حصار نيف وعشرين عاماً، ومقاطعة اقتصادية وعقوبات قاسية، طالت جميع مناحي الحياة، لدرجة أن تزيل السودان قوائم الدول الأكثر فقراً والأقل تنمية، والأضعف في معدلاتها التنموية.. فتقدمت دول كثيرة، كانت أضعف منا حالاً، وأقل تجربة.
عاد السباق نحو الخرطوم، وصارت مركزاً له بين الغرب والشرق بقوة بعد ثورة ديسمبر.. المعسكر الأمريكي نهض بقوة ضد تمدد المعسكرين (الروسي- والصيني) في افريقيا، وظهر ذلك جلياً في السنوات التي أعقبت التغيير في السودان.
الاهتمام الأمريكي على وجه الخصوص، والغربي على وجه العموم تزايد بارتفاع نسبي مع تعمق الروس والصينيين في افريقيا، وزاد هذا التكالب على وجه التحديد في السودان لموقعه الأهم في القارة، اولاً والمناخ السياسي الذي أعقب الثورة.
ما يؤسف له، أن هذا الاهتمام الدولي بالسودان، ووقوعه ضمن دائرة التقاطعات الدولية في ظل وجود الأحلاف الاقليمية، قوبل بضعف في الرؤية من السلطة السياسية القائمة، سواء كانت انتقالية- حكومة حمدوك- أو ما تلاها بعد تسيد الجيش المشهد في الخامس من أكتوبر ٢٠٢١.. واسهمت الاحزاب السياسية ونخبها في هذا الضعف عندما ارتمت بشكل مخز في احضان (الاجنبي).. ونتيجة لذلك تكونت صورة سالبة – أو شائهة- عن الشخصية السودانية، رفعت سقف توقعات الغربيين، واستسهلوا نتيجة لذلك تحقيق كل أهدافهم.
لا يحسب أحد أن هذه الهرولة الكثيفة على الخرطوم، من كل أصقاع الغرب، وأطراف الشرق، هي بسبب تقوية مجموعة على اخرى، أو تقسيم السودانيين لفئة مرضي عنها، أو مغضوب عليها، لان زيارات الوفود الغربية، والشرقية للسودان تأتي بهدف واحد، وهو تقوية وجودهم، وتحقيق مآربهم من السودان، التي أولها تماهي الدولة السودانية مع رؤيتهم وثانيها احكام السيطرة الكاملة على هذه البلاد.
ابتعثت اوروبا، مبعوثيها، للخرطوم، وارسلت واشنطن سفيرها ذي الخبرات المتعددة، ودخلت تل أبيب على الخط لتكملة خطوط التطبيع، واختتم (الموال) الدولي بوصول لافروف.
وقوع السودان بين اهتزازات الواقع السياسي المأزوم، ووقوعه في عصب الاستهداف الدولي، يجعله قريباً من زاوية الهاوية، ومن ثم الضياع.
السودان يمر بأكثر اللحظات التاريخية (قتامة) في تاريخه المديد، ويحتاج لعقلائه وحكمائه، ونعلم أن هذه الأرض ولود، وهذا الوطن خصيب بأبنائه، ولكم يمسك بالقلم من لا يحسن (التصحيح)، فهذا ما يقود لأخطاء لا تغتفر.
صحيفة الانتباهة