صباح محمد الحسن تكتب: رحلتان لمهمة واحدة!!
النار تحت الرماد العبارة لا تكفي للوصف لما يدور داخل البلاط العسكري ، ولا لوصف العلاقة بين الفريق عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو ، فتخوم التباعد بين المؤسسة العسكرية وقلعة الدعم السريع تجاوزت الطموحات الداخلية ، وبسط النفوذ والسيطرة على الحكم في السودان ، فالعلاقة اصبحت تديرها مصالح خارجية تضع خطوطها ايادي الدول العظمى ، وتتحسس مصالحها قبل ان ترسمها.
فبعض الدول ترى أن القوات المسلحة تملك جيش مؤسس وقوي وأن مصالحها لا تتحقق إلا بإستقرار هذه المؤسسة، وبعضها يرى أن قائد الدعم السريع حميدتي ، بات يتمتع بنفوذ عسكري ومالي كبير وله مساحة شبه مستقلة ، تجعل من الصعب تجاوزه ، لذلك أصبح التعامل الخارجي مع ( قائدين لدولة واحدة ) أمر واقع.
و زيارة انجمينا التي قام بها الفريق البرهان و ونائبه دقلو في رحلتين منفصلتين ، كشفت هذا الأمر فبالرغم من أن الوجهة واحدة إلا أن كل قائد حرص على ان يسافر لوحده ، بالرجوع الى الوراء قليلاً تجد أن حميدتي أعلن عن احباطه مخطط للانقلاب على نظام الحكم في أفريقيا الوسطى، ذكر انه تقف وراءه جهات داخل السودان، مؤكدا توقيف عسكريين متقاعدين ومجموعات مسلحة تم تدريبها .
التصريح الذي اغضب البرهان ودفعه للحديث في اقليم النيل الازرق أن الجيش السواني لم يجند يوماً مرتزقة حتى تقاتل في بلد آخر مردفاً جيشنا محترف ونظامي نعترف بالنظم والقوانين الدولية، ولن نزعزع استقرار أي دولة.
هذا بعد أن أبدت تشاد قلقها من تدريب قوات فاغنر الروسية مقاتلي المعارضة التشادية في قواعد روسية بأفريقيا الوسطى، والتي قالت إنها ترمي لإزالة الحكم في تشاد، فالبرهان يرى أن المؤسسة العسكرية بريئة من ذلك لكن هذا الاتهام السبابة فيه تشير الي الدعم السريع.
يحدث هذا كله قريبا من أمريكا الغاضبة من علاقة دقلو بروسيا، فأمريكا التي دفعت القائد ونائبه مكرهين للاتفاق الإطاري ، لا تريد مستقبلاً سياسياً قادماً في السودان ، حاضره يقوم على تعاون قوات الدعم السريع مع قوات فاغنر الروسية، سيما أن هذه العلائق تقوى بسبب نمو مشروعات استثمارية مشتركة في التعدين عن الذهب بين فاغنر والدعم السريع.
وبهذا، وبالرغم من ان الزيارتين منفصلتين والوجهة واحدة إلا أنه يتضح جلياً أن الهدف أيضاً واحد ، فالبرهان سافر الى تشاد ليطمئن ادريس دبي ويبدي تعاونه بنشر قوات سودانية وتشادية على الحدود وفي ذات الوقت يبعث برسالة لأمريكا حتى يطمئن قلبها ، وكذلك فرنسا التي تشاركها القلق من التمدد الروسي هناك.
وسافر حميدتي لذات الغرض ليدفع عنه الاتهام ويجدد الثقة عند دبي ، في خطوة يرى أنها يمكن ان تعمل على إذابة الغضب الامريكي من تحركاته وتعاونه مع روسيا .
لذلك من المتوقع ان يقوم دقلو باغلاق النوافذ المشرعة بينه والشركات الروسية، فمصالحه بالرغم من أهميتها ، لكنها لن تصمد أمام الضغوط الأمريكية ، فدقلو إن كان يريد مواصلة طريقه الى روسيا ما جاء الى الإتفاق مكرها برغبة امريكية خالصة .
طيف أخير:
ما تعرض له إدريس همد يجسد وحشية ما يدور في غرف المباحث في ظل سلطة انقلابية كيزانية باطشة.
صحيفة الجريدة