سياسية

انخفاض التضخم وارتفاع الأسعار .. معادلة غير متكافئة

في الوقت الذي يسجل فيه معدَّل التضخم تراجعاً، تظل المعضلة البارزة في الارتفاع الكبير الذي يسود على السلع والخدمات في البلاد، وربما كل ذلك دلالة عكسية تشير إلى عدم وجود آلية اقتصادية بصورة علمية حديثة لمعرفة القياس المباشر لأرقام التضخم الحقيقية، وبعض الاقتصاديين يرون أن الحلول تتطلب إدارة رشيدة بجانب استغلال الموارد المتاحة بصورة علمية مواكبة تساهم في تشجع المنتجين للإسهام أكثر في معالجة التضخم، في والبعض من الخبراء حثوا الحكومة على وضع خطة لتحريك الاقتصاد بزيادة الإنتاج والصادر في إطار بنودها في الموازنة الجديدة للخروج من حالة الركود الاقتصادي التي تسببت في جمود وكساد في الاقتصاد.

تبعات التضخم

بحسب المستشار الاقتصادي، شاذلي عبدالله، أن التضخم يعني ارتفاع مستمر في جميع أسعار السلع والخدمات في الاقتصاد، موضحاً أنه يعني تناقص معدَّلات الدخول بنسبة التضخم، وقال: أصبح التضخم من أكثر المشكلات التي تواجه السياسات النقدية في وقتنا الراهن نظرياً وعملياً بما يؤثر على معاش الناس، ويشير إلى أن كثيراً من بلدان العالم الثالث الموبوءة بعدم الاستقرار السياسي بسبب الثورات المستمرة، ويرى أن علماء الاقتصاد حاولوا البحث عن حلول لهذه المشكلة وضبط تبعاتها التي تؤثر على الاقتصاد ككل.

علل اقتصادية

ولفت شاذلي إلى أنه يجب أن نتفق بناء على ما سبق أن التضخم ليس مشكلة المواطن الوحيدة وإنما هناك عدد من الأمراض الاقتصادية (البطالة، الناتج المحلي الإجمالي، ارتقاع الأسعار، الاحتياطي النقدي، الدين الخارجي) قائلاً: أثرت على طموح المواطن في تحقيق وفرة في المواد الأساسية والخدمات الضرورية من الصحة والتعليم وغيرها، وقال: إن هذا يؤكد عدد من التخمينات: أولها أن الأزمة غير حقيقية ومفتعلة لأسباب سياسية برغماتية، وفي أدبيات الاقتصاد أي ظهور تدهور اقتصادي مفاجئ مصاحب بفترة ازدهار قصيرة من ثم تدهور وهكذا، لذا قد لا نستبعد هذا النوع كمؤشر لانخفاض التضخم.

ويعتقد أن الجراحات السابقة التي تمت من تعويم الجنيه، توحيد الجنيه الجمركي ورفع الدعم أو ترشيده، والقفزات الكبيرة في ملف إعفاء الديون الخارجية بواقع 14.1مليار دولار، وغيرها كلها تعتبر أسباب لتحديد معدَّلات التضخم الجديدة بشرط تنفيذ مبادرة رئيس مجلس الوزراء المستقيل وتنفيذ مخرجات بيان الاجتماع، وبيَّن أن المغتربين ويتم فيه تحويل ملايين العملات الأجنبية عبر النوافذ الرسمية دون الاعتماد بشكل كبير على الأسواق السوداء، موضحاً أن هذا يعني زيادة كبيرة في عرض العملات الأجنبية والتي بدورها أثبتت فاعليتها في قيادة وتسبيب تغيرات الأسعار في السودان، في بعض الدول مساهمة المغتربين تقدر بـ 50 مليار، سنوياً، مما انعكس إيجاباً على ثبات أسعار العملات الأجنبية في الفترة ما قبل إجراءات الجيش في أكتوبر الماضي 2021، مبيِّناً بأن هذا يتطلب دراسة جادة واستراتيجية لزيادة ثقة المغتربين السودانيين، ويرى أن الخروج من هذه الأزمة ينبغي على القيادة السياسية في البلاد أن تسرع في تنفيذ الخطط إن وجدت بكل شفافية وحزم، من أجل تحقيق إصلاحات اقتصادية حقيقية مبنية على أرضية إنتاجية عالية واستغلال أمثل لطاقات الشباب العاطلين عن العمل وإشراك المواطن في تحقيق التنمية والرفاهية المنشودة للشعب.

غياب الآلية الاقتصادية

يقول الخبير الاقتصادي د. عادل عبد المنعم، إن الراهن الاقتصادي بهذه الطريقة لا يمكن أن يسير بالأوضاع الاقتصادية المتردية إلى بر الأمان، وبرر ذلك لأن انخفاض وارتفاع معدلات التضخم غير مستقر، وأرجع ذلك لعدم وجود آلية اقتصادية بصورة علمية حديثة، وأضاف بهذه الطريقة التي يدار بها الاقتصادي لا يمكن أن تلبي طموحات المواطنين في معاشهم، مستشهداً بما يشاهد الآن من تردي في الخدمات والغلاء الحالي في السلع الاستهلاكية والدواء والمواصلات والمأوى.

وصفة الحلول

وقال د. عبد المنعم: إن الحلول تكمن في إرادة قوية وإدارة رشيدة واستغلال الموارد المتاحة بصورة علمية مواكبة وتشجيع المنتجين، إضافة إلى توفير سبل الإنتاج وإيجاد السوق والتسويق للمنتجات الزراعية والحيوانية والمعدنية، إلى جانب التنقيبية والسياحية والموانئ الأربعة الجوية والبحرية والنهرية والبرية، وطالب بضروة تكوين جمعيات تعاونية في الأحياء والمربعات بصورة علمية بآلية تقنية، ذلك لتسهيل وتوصيل المواد الاستهلاكية للمواطن عبر نوافذ الجمعيات التعاونية، كما طالب بضرورة الرجوع لدعم بعض المواد كالدواء والدقيق ووقود المواصلات والتعليم، مشيراً إلى أن هناك معضلة حقيقية تواجه الإنتاج والاقتصاد، موضحاً أنها تتمثل في الحروبات القبيلة وعدم استقرار الأوضاع الأمنية، قاطعاً أنه ما أضعف المنتجين وجعل صغار الرعاة والمزارعين يلجأون إلى المدن تاركين الإنتاج وأصبحوا عبئاً وعالة على المدن، ويرى أن هناك عوامل كثيرة متداخلة ومتشابكة مباشرة وغير مباشرة أدت إلى تحجيم عملية الإنتاج، لافتاً إلى فشل في التنسيق بين المواقيت والتحضير خاصة المشاريع المروية والمطرية، وأوضح أن نجاح أي عمل اقتصادي لا يتم إلا بدراسة كل الجوانب الإيجابية للنجاح لدعمها والجوانب السلبية التي تؤدي إلى الفشل.

الخرطوم- جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة