ياسر زين العابدين المحامي يكتب : وَدَارَت الأيّامُ
ملحمة الإلياذة، رواية هاملت صورتا الثأر بتفصيلاته…
كسلوك بشري منذ بدء الخليقة…
ومحفز عاطفي للعقل بغرض الفعل…
لارتباطه بالغضب، وبرغبة الإيذاء…
مَن يقرأ التاريخ يستفيد من عبره…
مَن يهمله، يمضي لفش الغبينة…
ومَن يفعل قطعاً يخرب مدينته…
سيدفع الفاتورة يوماً ما أضعافاً…
التوهُّم بتجاوز الزمن للتاريخ، وبأن
دورته دانت، فالويل، والثبور، ينسينا…
كل ساقٍ سيسقى بما سقى به..
لاعتقادنا أن ضل الضحى لن يزول…
والأزفة أزفت لقطع شأفة الأعداء…
فنركل كتاب التاريخ، ونُخطِّط للثأر…
وننشئ قوانين تُثير الجدل، نتعاطاها
نتعامل معها، ونُطبِّقها…
عبرها نُعزِّز روح الانتقام والإقصاء…
والمطلوب وقتذاك الحِكمة، العقل…
تجريد القانون من التأويل والهوى…
والبُعد عن أمزجة ورغبات مقيتة…
فلا ينشأ قانون طابعه الثأر، ونطفق
عامهين غيّاً وبغياً…
اللذة لن تدوم لأنها بُرهة…
والدائرة قد تدور يوماً ما تارةً أخرى…
إذن التروي والتريُّث أمرٌ مطلوبٌ…
وهتاف المتردية لا يفيد ولا يُقدِّم…
فالسُّلطة تجلب الذباب والهوام…
بزوالها ينفض سامر القوم لواذا…
فتكون وحيداً تغالب الأحزان…
إلا من صراخ كالفتات هنا وهناك…
وعندما تكون بالأقبية ستفهم العِبر…
وتندم لأنّك لم تستوعب الفكرة…
وتعرف دعوة المظلوم مجابة ولو
بعد حينٍ…
المرارات لا تُبرِّر الظلم والتعسُّف…
السُّلطة ضُل ضُحى، والظلم ظلماتٌ…
مَن لا يستفيد من التاريخ غبيٌّ…
لأنّ دورة الزمان ستدور، وعلى الباغي
ستدور الدوائر…
مَن بغى؟ على مَن دارت؟ التاريخ يبرز الإجابة بجلاء…
ودورته قد تطول أو تقصر لكننا…
سندفع الثمن لأننا لا نقرأ، ولا نعتبر…
يعمينا الثأر فنغرق فيه للثمالة…
نتُوه بلجته لتفضي للحريق…
وتتكرّر الرواية تارةً أُخرى، ولا نعتبر…
إنها لا تعمى الأبصار، لكن تعمي القلوب التي في الصدور…
ما عرفناه وقرأناه وشاهدناه ينبئ
بدورة الأيام…
وستدور الأيام…
صحيفة الصيحة