الجنرال حميدتي ٠٠٠البراغماتية و عودة الوعي
لم يكن ما جاء من تصريحات لحميدتي أمام حشد للإدارة الاهلية في غرب كردفان بمفاجأة للكثير من المراقبين ٠٠٠فالجنرال،قد استشعر، كما فعل بالمثل البرهان بالمخاطر التي تحدق بالوطن ٠٠و أقروا بفشل الإنقلاب و تسببه في هذه الأزمة الوجودية ٠٠٠فالبرهان صرح بأنهم قد فشلوا و أضاعوا ثلاث سنوات من دون أي مردود للبلاد ٠٠و انهم فشلوا حتى في بسط الأمن فى الدولة٠٠٠٠و تخفيف معاناة المواطنين ٠و ليس أقوى من دليل على ذلك ما صرح به في افطار ياسر العطاء بأن المواطن لم يعد آمنا في بيته و لم يعد يعد يملك ما يقيه ابتلاء المسبغة٠٠٠كما أن حميدتي نفسه فاجأ الجميع بتصريحه لهيئة الإذاعة البريطانية أنهم فشلوا في إدارة الدولة و ان الوضع أسوأ عما كان عليه قبل الانقلاب ٠٠و قد عبر كلاهما عن تأييدهم مع إبداء بعض الملاحظات على مشروع دستور تيسيرية نقابة المحامين ٠٠٠ باعتباره يشكل إطارا للعملية السياسية التي ترمي إلى خروج البلاد من عنق الزجاجة ٠٠٠تطبيع الدولة لعلاقاتها مع المجتمع الدولي ٠٠بعد ان قطع الانقلاب الطريق أمام مسار التحول الديمقراطي و أعاد الدولة إلى مربع العزلة الدولية و الإقليمية و تعليق المساعدات من المؤسسات المالية الدولية متعددة الأطراف، فضلا عن تعليق مسار إعفاء الديون ٠٠٠
كما حدثت ردة في سجل حقوق الإنسان في السودان حيث الحجر على حرية التظاهر و قتل و إصابة آلاف الشباب و الاعتقالات و الاعتداءات على منسوبي الفضائيات الأجنبية و حتي ملاحقة الثوار و الجرحى بالغاز المسيل للدموع داخل المشافي، و عودة السودان مرة أخرى الي مقصلة مجلس حقوق الإنسان في جنيف ٠٠
كل ذلك انتكاسا لما تحقق من مكتسبات بعد الثورة ٠و قد صرح ألبرهان في قاعدتي حطاب و المرخيات انهم مع التسوية و ان القائمين على أمرها شباب وطنيون و ان همهم على َ الوطن و لا يبتغون في ذلك عودة للحكم أو الي مربع ما قبل ٢٥ اكتوبر ٠٠بل دعا كل القوى السياسية إلى تدارس الوثيقة و أبداء، ما يرونه من ملاحظات أسوة بشأنها أسوة بالمكون العسكري ٠٠
و لذلك فإن تصريحات حميدتي أمام حشد الإدارة الأهلية ٠٠٠٠و الذي استبقه علي غير العادة بدعوة كل وسائل الإعلام المحلية والعالمية، لحضوره٠٠٠و تأييده ( للتسوية) الجارية يصب في إطار حرصهم لحل هذه الأزمة ٠٠٠و قد دعا كما فعل البرهان من قبل للالتفاف حولها لتشكيل حد أدنى لتوافق بين القوى السياسية ٠٠في سبيل استقرار و نهضة الوطن ٠٠٠
و لعل ما لفت النظر في خطاب حميدتي انه تساءل عن الجهة التي تغلق الكباري امام متظاهرين و تفتحها أمام جهة أخرى ٠٠٠و لعل السؤال ليس في مكانه إذ أنه هو نفسه هو السلطة الحاكمة ٠٠فكان الاحري أن يوجه السؤال لنفسه و هو الرجل الثاني في الدولة ٠٠٠و لعل سؤاله و وصف ذلك ( بالخيار و الفقَوس) مردود له٠٠فلم السؤال الآن و الشباب ظلت السلطات تغلق الكباري بالحاويات و تقتلهم بدم بارد ٠٠٠و لم نسمع لحميدتي يومها تنديدا بذلك٠٠إلا بعد حشد ابناء النوبة أمام القصر ٠٠و هو يعلم جيدا أن الكباري لم تفتح فقط لأبناء النوبة و إنما لكل مواكب ما سميت بالكرامة!!!!! و لذلك فإن حديثه عن اغلاق أو فتح الكباري و لعله لحاجة في نفس يعقوب ٠٠
لكن تبقى الحقيقة، أن اهم ما ج في خطاب حميدتي في غرب كردفان هو وقوفه مع العملية السياسية في إطار مشروع تيسيرية نقابة المحامين، و انحيازه التام للشباب و للتغيير ٠٠٠و أيضاً هجومه المبطن لقوى الردة و وصفها ٠٠دون تسميتها بالنفاق ٠٠٠و رفضهم التام لاي عودة لما قبل عام ٢٠١٨ ٠٠٠٠
و ما يدعو للدهشة و الغرابة نية المؤسسة العسكرية لمغادرة المشهد السياسي و التفرغ لمهامها المنصوص عليها في الدستور و في قوانينها٠ ٠٠ياتي الأخ الوكيل الناطق باسم ما سميت اخيرا بالكتلة الديمقراطية ٠٠مصرا على موقف الكتلة في بقاء العسكر في السلطة ٠٠٠مبررين ذلك لدرء القوات النظامية للتفلتات و الصراعات القبلية في عدد من مناطق السودان٠٠و لعمري هذا تبرير فطير و سطحي مردود عليه ٠٠٠بسؤال منطقى و شرعي٠٠من الذي ظل في السلطة منذ انقلاب ٢٥ اكتوبر الذي شاركتم في إعداد المسرح له و تشاركون معه في السلطة و تلوذون بصمت القبور على قتل الشباب في الشارع و و هذا الإنهيار الأمني و الاقتصادي و إعادة البلاد إلى مربع العزلة الدولية و الإقليمية و، و حرمانها بسبب تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي من كافة المحافل التي يرعاها هو المشاركة في أخرى تتم الدعوة له ٠٠و من بين أخرى ٠٠٠ القمة الأفريقية الأمريكية المنعقدة في َ منتصف ديسمبر المقبل في واشنطن ٠٠٠فإن كانت المؤسسة العسكرية قد عجزت تماما في َ بسط هيبة الدولة و تفاقم الانفلات الأمني و الصراعات القبلية و هي على سدة الحكم، فكيف تنادون ببقائها في السلطة في وقت أعربت فيه عن استعدادها للعودة إلى ثكناتها٠٠و أداء الدور الأصيل المنوط بها؛؛!؟؟
و لعل موقف الكتلة الديمقراطية الوليدة من الصعوبة بمكان تلاقي أو توافق فسطاطين يسيران في خطين متوازيين ٠٠٠فسطاط يصر على بقاء العسكر في السلطة و من ثم إطالة أمد هذه الأزمة الوجودية، و فسطاط يرى ضرورة إبعاد المؤسسة العسكرية عن السلطة و استعادة مسار التحول الديمقراطي و إرساء دعائم الدولة المدنية و تشكيل حكومة من كفاءات وطنية تستكمل مؤسسات الدولة، أيلولة كافة شركات القوات النظامية ذات الطابع المدني لوزارة المالية٠٠٠ و عودة السودان مرة أخرى الي حضن المجتمع الدولي و استقطاب الدعم اللازم لعودة النازحين و اللاجئين و انفاذ اتفاقية جوبا للسلام و السعي لاقناع الممانعين إلى العملية السلمية، و مراجعة الإتفاقية بموافقة فرقاء العملية السلمية بما يتوافق و مستجدات المرحلة المقبلة من الموجة الثانية للفترة الانتقالية، التي تفضي في نهاية المطاف إلى التوافق حول دستور دائم للبلاد ٠٠٠و إجراء انتخابات حرة ونزيهة تكرس للتداول السلمي الديمقراطي للسلطة ٠٠
بقلم السفير الصادق المقيلي
صحيفة الانتباهة