معارضون في ميدان (التسوية)!
خروج قوى الحرية والتغيير –الأربعاء الماضي- في مؤتمرها الصحفي بدار حزب الأمة؛ وضع النقاط على الحروف في موضوع (التسوية الثنائية) التي أثارت الجدل والنقاش و(الغبار الكثيف) الايام الفائتة ولا زالت.. قوى التغيير أوضحت أن موضوع (التسوية) يسير على (قدم وساق وكتف).. بعد أن كشفت عن (تفاهمات مشتركة) بينها وبين العسكريين؛ شملت عدداً من النقاط؛ وأسمت قوى التغيير ما توصلت اليه من (تفاهمات) مع العسكر بـ (الاتفاق الاطاري).. الذي سيعقبه –طبقاً لقوى التغيير- اتفاق (نهائي) في الفترة القادمة.
مؤتمر قوى التغيير أثبت أن موضوع (نفي) التسوية هو أمر (غير حقيقي)؛ وكان (النفي) يمثل (مخاوف) لدى المؤسسة العسكرية؛ خاصة عندما يبرز قائدها ورئيس السيادي الفريق أول البرهان ويكرر أكثر من مرة (موضوع النفي) في خطاباته (العديدة).. وهذا في حد ذاته (مؤشر) على ان (طرفي التسوية) لا يمثلان كافة الساحة السياسية الموجودة.. حتى اذا حاولت قوى التغيير واجتهدت أن تثبت عكس ذلك؛ عن طريق ذكر بعض الأحزاب او الأجسام او المجموعات- التي قامت أو ستقوم بالتوقيع على الوثيقة (محور التسوية).
ثبت للكافة أن موضوع (التسوية) بمحورها القائم على (مقترح وثيقة المحامين)؛ يجابه بعدد من الرافضين السياسيين؛ وهؤلاء يمثلون (طيفاً سياسياً كبيراً).. يبدأ بمجموعة الحرية والتغيير الوفاق الوطني؛ ويمتد ليصل الى مجموعة (نداء أهل السودان) التي سارعت بوضع (مقترح دستوري جديد)؛ وذكرت أن الشعب هو من يحدد أيهما يختار.. وأكدت هذه المجموعة أن (مقترحات) وضع الدساتير (مكفولة) للجميع؛ وليس من حق أي جهة أن تفرض (مقترحها) على الآخرين.
رغم ان مسألة وضع الدستور نفسه من الناحية الشكلية لا تحق لأي جهة (غير منتخبة) ومفوضة من الشعب .. مهمة وضع الدساتير أومقترحاتها مهمة (فنية شائكة)؛ تسند للجان متخصصة؛ ويفتي فيها (مجلس تشريعي أوبرلمان منتخب).. ثم بعد ذلك توضع لمراحل الاجازة الأولية والنهائية.. وكل هذا لم يحدث في مشروع (وثيقة المحامين).. الأمر الذي يضعف امكانية الاعتداد بها أو الاستمرار في فرضها على الناس.
هنالك مجموعات أخرى رافضة لطريقة وشكل التسوية الثنائية.. ومنها تيار مؤثر ومهم في الحزب الاتحادي الأصل؛ الذي يبدو ان قياداته انقسمت الى تيارين .. أحدهما مع التسوية والآخر ضدها؛ وبعد خطاب زعيم الحزب ومرشد الطائفة بالأمس يكون الحزب قد حدد اتجاهاته؛ برفض التسوية.. وقد ارسل رسائل في هذا الخصوص في (الخطاب) وتأكيده أن مؤيدي التسوية هم مجموعة لا تمثل الحزب.
ومجموعة أخرى في غاية الأهمية؛ لا زالت رافضة للتسوية السياسية المستمرة بين قوى التغيير والعسكر؛ وهذه المجموعة على رأسها (الحزب الشيوعي) المؤمن بالحل الجذري وذهاب الانقلاب بالجملة؛ اضافة لبعض (الشباب الثوري) ولجان المقاومة التي لا تؤمن بمبدأ (الشراكة) مع العسكر.. وهذه التيارات والمجموعات؛ هي ذات (شوكة) في الشارع وقادرة على التأثير الكبير في تحركاته.
كل السابق ذكرهم اتفقوا ان (موضوع التسوية) سيقود البلاد من جديد لتكرار ذات مشاهد (التجربة السابقة).. لأنه ببساطة لم يجد القبول والاستجابة من أطراف العملية السياسية.. ولا زال يمثل (طرفين فقط) بلا ثالث.. وهو محاولة لاعادة انتاج (الشراكة القديمة) بين العسكر والحرية والتغيير.. ويجد موضوع التسوية سنداً دولياً كبيراً؛ الأمر الذي يزيد من (شكوك) أن الوثيقة –في الأصل- وضعت بأيادي أجنبية.. ويبعد الشقة بين الأطراف السياسية من جديد.
صحيفة الانتباهة