هاجر سليمان تكتب.. هروب (أب جيقة)
من يذهب الى المحاكم يقسم بألا اسرة تعيش في استقرار، وليست هنالك زوجة تعيش بسلام.. وستجد العشرات من الازواج والزوجات يصطفون فى المحاكم ينتظرون ادوارهم امام القضاة الذين ارهقتهم الجلسات ويعملون فى ظل ظروف قاهرة ما بين ضغط العمل وضغوطات الحياة .
وتجد هنا سيدة تسحب اطفالاً على اقدامهم واخرى تحمل رضيعاً وثالثة تجلس متمحنة بهدوء تنتظر دورها، وحينما تستمع لكل منهن على حدة تكتشف انك الوحيد الذى يجب ان يحمد الله على ان ظروفك جيدة مقارنة بظروفهن، ولعل القاسم المشترك بين كل السيدات هروب الازواج او تهربهم من تحمل مسؤولية زوجاتهم واطفالهم، وامتناع عدد كبير منهم عن الصرف على زوجاتهم وابنائهم وكأن الامر لا يعنيهم واولئك الاطفال ليسوا اطفالهم .
احدى الزوجات انهكها الاعياء واللهث وراء اطعام طفلها البالغ اربع سنوات، بينما زوجها تتعجب له اذا رأيته، وينطبق عليه المثل الحلمنتيشي القديم (زولاً يمين عاتي وسمين لو طقا ناقة ينفقلا) .
بالله ده كلام ده.. الواحد يجيك يقدل ويتفتل ويحلف كاذباً بانه لا يملك فلساً، بينما هو فى محيطه يسمى بـ (الشوقر داد) و (الصراف) و (ابو الكرم) وغيرها من المسميات التى تطلق عليه، وتراه يسير كأنه الاسد امام فتياته وعشيقاته، وفى المنزل تراه كالنعام او (الديك الممعوط) لا يرحم ولا يخلي رحمة الله تنزل، وهذا هو حال أب جيقة السودانى .
السيدات اللائي التقيتهن كانت لديهن قصص وروايات مؤلمة تحير العقول وتشيب لها رؤوس الولدان، وتسمع بان احدهم هجرها لسنوات وبات لا ينفق عليها، بينما اخريات يوجد ازواجهن بجوارهن ولكن وجودهم وغيابهم سواء .
مئات النساء يتزاحمن في المحاكم الشرعية بالخرطوم يطلبن الطلاق وبعضهن يبحثن عن نفقات لاطفالهن، ثم ان ثلث أب جيقات قد فروا من نسائهم، والثلثان الآخران موجودان ولكنهما فى عداد الموتى لا اثر لهما سواء الصوت العالى والفضائح، فهم لا يتحركون ولا يعملون ولا يعرفون قيمة الابن، وماذا يعنى ان تكون اباً حقيقياً وليس (أب جيقة)، ويجهلون ماذا تعنى الابوة وما هى مسؤولياتها ومتطلباتها، حيث اصبحت النساء الآن يتحملن مسؤوليات عوائلهن لوحدهن، بينما الذكور يجلسون في المنازل ويهاتفون عشيقاتهم او يصيعون فى الطرقات ويملأون بطونهم بما لذ وطاب، ويجلسون على الطرقات ويلتهمون لحوم البشر بالقيل والقال وكثرة السؤال والملاحقة واضاعة المال فى الفارغة، فتجدهم ما بين العطلة والسطلة واللف والسف ولا حول ولا قوة الا بالله .
رحم الله نساء بلادى فقد اصبحن امهات واباءً فى آن واحد لاطفالهن. فتجد الام تعمل فى مهنة هامشية مرهقة فقط من اجل اطعام اطفالها وحتى لا يناموا جوعى، ثم يأتى أب جيقة نهاية اليوم ليشارك اطفاله طعامهم دون عناء منه او اجتهاد او تفكير .
واذا استمر الحال هكذا فإن الوضع سينهار تماماً اكثر مما هو عليه الحال الآن، لذلك لا بد ان تعمل الدولة على ايجاد قوانين تحفظ للمرأة حقها فى الزام الرجل وارغامه على العمل واطعام اطفاله وتحمل مسؤوليته كاملة، اما (المراقات) التى يلجأ اليها الرجال للبحث عن مهارب لهم، يجب الا ينظر اليها بعين الاعتبار.. ولسه يا ما الجاي اكتر.
اضغط هنا للانضمام لمجموعات الانتباهة على تطبيق واتساب.
صحيفة الانتباهة