سليمان الماحي يكتب :هل من عودة للوطن
السودان ذلك القطر العربي الأفريقي الأوسع أرضا والأغنى ثروة والأوفر ماء عذبة لا يختلف أثنان على أنه يمر بأسوأ مرحلة في تاريخه ولهم ما يبرر قولهما ذلك فالسودان أصبح طاردا لمواطنيه عنا الذين عيل صبرهم على المصاعب السياسية والأمنية والاقتصادية ونتيجة لذلك النكد لم يبق أمام السودانيين من خيار غير التخلص من كل ما يربطهم بالوطن مسكنا أو سيارة أو حتى جيرانا ثم المغادرة على غير هدى أو إلى حيث البلاد التي يظنون بأنهم يأمنون من خوف ويطعمون من جوع وتعليم للأبناء وفي جملة تلك الدول التي كانت خيارا لوجهتهم تركيا اذاك شكل الوجود السوداني الكبير أسرا وأفرادا دليلا مقنعا على ضخامة المعاناة التي يعيشها الوطن والمواطن في ظل السعي لدولة مدنية .
من يقصد تلك البلاد التي شكلت ملاذا للسودانيين الذين هربوا من بلادهم في السنوات الأخيرة مثل تركيا ومصر زائرا أو مقيما فانه يقف مبهوتا مذهولا من هول العدد الضخم من السودانيين الذين يتواجدون في تلك البلاد والحقيقة أن المتاعب التي حلت بالوطن وما أكثرها هي التي أجبرتهم كبارا وصغارا على مغادرة وطنهم وهو يئن أمنا ويتضور جوعا ويتوجع مرضا .
الهاربون من الوطن طالما كانوا يوما الأشد حرصا على وطنهم ومفخرة بتاريخهم العريق والتغني بتضحيات وبطولات آبائهم وأجدادهم بيد أن الكم الهائل من السودانيين الذين عافوا الانتماء لهذا الوطن ثم غادروا تراب السودان جوا وبرا وبحرا من غير اكتراث لما يواجهون من مخاطر الحياة كان المهم عندهم الان هو ان يجدوا موطئ قدم لهم خارج السودان .
وحين يسأل المرء قائلا : لماذا يحدث كل ذلك .؟.
من المؤكد ان الإجابة باتت جاهزة على كل لسان ومؤداها أن حال السودان الان لا تسر صديقا ولا تعجب زولا .. لكنها تفرح العدو ذلك الذي يسعى وبإصرار على تفتيت النسيج الاجتماعي من خلال استشراء القبلية ونشر الفتن والابقاء على الخلاف في الرأى سائدا في المجتمع حتى لو كان بين شخصين أصلعين على مشط اذ يعد أقصر الطرق لتحقيق أهداف أعداء السودان الشيطانية فالخلاف سرعان ما يتطور إلى جعجعة البنادق واسالة الدماء بغزارة وفي النهاية يتحقق الهدف المتمثل في تفتيت النسيج الاجتماعي الذي هو عضد السودان والصلابة التي جعلته منذ الاستقلال موحدا وقادرا على استثمار خيراته الوفيرة وأرضه الخصبة ومياهه العذبة .
وربما يفيد التذكير أن الثورة التي شهدها السودان وأبعدت النظام السابق بشرت أهل السودان بشعارات تنادي بالحرية والسلام والعدالة ولكن الثورة لم تكن كما أراد القائمون عليها فقد انحرفت عن تلك الشعارات وأبعدت الشباب الذين ضحوا من أجلها لتتولى أمرها فئة حزبية محدودة ونتيجة لذلك كانت خيبة أمل لأهل السودان الذين كان حلمهم ان يكون السودان دولة مدنية بمواصفات ديمقراطية .
ما نأمله هو ان تلك الهجرة التي طالت العديد من السودانيين يراها البعض تفريغا للوطن من أهله أو تشكيكا في قيام الدولة الديمقراطية ألا تطول خصوصا لمن غادروا ديارهم لغرض الإقامة الخالية من المصاعب المعيشية والأمنية ولغرض تعليم الأبناء وليس بحثا عن العمل لأن الوطن في مرحلة الدولة الديمقراطية يكون أشد حاجة لسواعد أبناء شعبها .
من المؤكد ان من جملة الاسباب التي دفعت المواطنين لمغادرة بلادهم كانت معيشية وتعليمية وتسعة طويلة .. وبالتالي ينبغي معالجة تلك القضايا ليتمكن المواطن من العودة الى الوطن سريعا .
.. هلا تحقق ذلك ! !
صحيفة الانتباهة