تحقيقات وتقارير

تعديل الهيكل الراتبي لقطاع الكهرباء .. تساؤلات ومخاوف

استجابت الحكومة مؤخراً لمطالب عمال وموظفي الكهرباء بتحسين رواتبهم، وذلك علىي خلفية دخولهم في إضراب عن العمل مع التلويح بتكثيف حدة الإضراب وعدم مزاولة العمل قبل تحقيق مطالبهم، وأثار مسلك الحكومة تساؤلات حول كيفية تغطية النفقات الجديدة للأجور، تزامناً مع مخاوف من تمدُّد موجة الإضرابات وشمولها قطاعات أخرى.

تعديل الهيكل الراتبي
ووفق الهيكل الراتبي الجديد، زادت رواتب عمال وموظفي الكهرباء بنسب متفاوتة وأصبح الراتب الأساسي لأعلى درجة “96” ألف جنيه، وأدناها “17602” جنيه، وهي تفوق كثيراً الحد الأدنى لأجور موظفي الخدمة المدنية التي لا تتجاوز “12” ألف جنيه، للفئات الدنيا.

دعوة للإصلاحات
وتعليقاً على الخطوة، دعا خبراء اقتصاديون الحكومة لتجنب مخاطر توقف القطاعات الحيوية ومؤسسات الخدمة المدنية بشكل عام، وذلك باتخاذ خطوات إصلاحية حقيقية لمعالجة الوضع المعيشي المتدهور، وتحسين معاش الناس، مشيرين إلى أن تجاهل الإصلاحات المطلوبة ستزيد الوضع تعقيداً فوق ما هو معقد بالأصل، ونوَّهوا إلى أن السياسات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومة مؤخراً هي السبب المباشر في تفاقم حدة الوضع المعيشي، ومن الضروري مراجعتها.
وقال المحلِّل المالي والاقتصادي، قاسم صديق، إن المشكلة لا تتعلق بالأجر بقدر ما تتعلق بقيمته السوقية ومدى توافقه من المستوى العام للأسعار، موضحاً أن مستوى الأسعار يتجاوز كثيراً مداخيل المواطنين.

وقال صديق لـ(الصيحة)، إن مطالب قطاع الكهرباء هي نتاج طبيعي للسياسات المتخبطة وغير الواقعية في إدارة الاقتصاد، خاصة زيادة الرواتب السابقة دون دراسة ولا تحسين الموارد والإنتاج، التي أدت لانفجار التضخم وانفلات سعر الصرف، مشيراً إلى تزايد طباعة البنك المركزي للأوراق النقدية بما يتجاوز الحدود الآمنة، وكشف عن وجود نسب عالية جداً من الكتلة النقدية خارج المصارف ما يعني أنها خارج السيطرة الرسمية، وزاد: هذا سبب كاف لانفلات سعر الصرف بالسوق الموازي لعدم وجود رقابة وسيطرة من الحكومة عن تلك الكميات الفلكية من الأوراق النقدية، علاوة على أن مستوى الأسعار المرتفع يتطلب من المتداولين تداول مبالغ فلكية في المعاملات اليومية، وشدَّد على أهمية وضع معالجات مستعجلة وآنية للأزمة مع معالجات أخرى تطبق على مراحل للإصلاح الهيكلي الشامل للاقتصاد.

مخاطر الاستدانة
يعتقد المحلِّل الاقتصادي، د. هيثم محمد فتحي، أن إجازة الهيكل، الأجور الجديدة لعمال الكهرباء سيجعل الدولة مضطرة لزيادة حجم الاستدانة من البنك المركزي عبر اللجوء لخيار “طباعة النقود”، لافتاً إلى أن الخطوة لها تكاليف باهظة على الحكومة.
وأوضح هيثم لـ “الصيحة” أن قطاع الكهرباء من أهم القطاعات الخدمية ويقدم خدمة حيوية للمواطنين مما يجعل القطاع مؤثراً على الحياة اليومية، بيد أنه استغرب توقيت تعديل الأجر في وقت شارف فيه العام على الانتهاء وهو وقت يصعب فيه تعديل الأجور، لافتاً إلى أن الوضع العام الذي تمر به البلاد غير مناسب لتعديلات على الأجور، مبرراً الأمر بغياب مؤسسات تشريعية لإجازة مقترحات التعديلات على الموازنة على الرغم من أنّ الحكومة الانتقالية استعاضت عن المجلس التشريعية باجتماع مجلسي السيادة والوزراء لإجازة الموازنة، إلاّ أنّه أكّد على عدم وجود مجلسي سيادي ووزراء منذ 25 أكتوبر الماضي.

بدورها دعت خبيرة الاقتصاد، د.إيناس إبراهيم، لإصلاح الوضع المعيشي للمواطن وتجنب انفلات الأوضاع، وقالت: إن البيئة الاقتصادية الحالية لا تساعد على تحقيق أدنى طموحات المواطنين، ودعت لأن تشمل الإصلاحات المقترحة، التركيز على المشروعات الإنتاجية خاصة الزراعة وما يتصل بها من الصناعات التحويلية ورفع حجم الصادرات وتذليل العقبات الحكومية أمام المنتجين والتي قالت إنها تتمثل في تعدد الرسوم والجبايات لحد أخرج الكثيرين من دائرة الإنتاج لصعوبة العمل في ظل أوضاع غير محفزة للإنتاج وكثيراً ما يتكبَّدون الخسائر.

الخرطوم- جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة